Friday 07/03/2014 Issue 15135 الجمعة 06 جمادى الأول 1435 العدد
07-03-2014

الإخوة في قطر ... رجاءً اقرؤوا التاريخ

قراءة التاريخ ليس من أجل تقطيع الوقت ولا لتكرار السرد وتذكر قصص الآخرين، التاريخ دروس وعِبر، ولهذا فإن المختصين في العلوم السياسية والإستراتيجية يدرسونه كمقرر لتعزيز فهم التطور والمسار للتغيير في الأحداث ومسبباتها والدواعي التي أدت إلى هذا المتغير.

وفي المسألة القطرية والسلوك الذي تسلكه الدولة القطرية في انتهاجها نهجاً يتعارض بل وحتى يتضاد مع المنظومة الأقليمية التي تنتمي إليها، لا يدعو إلى الغرابة ولا حتى إلى الدهشة، بل هو سلوك قدم لنا التاريخ صوراً عديدة منها، بعضها ليس ببعيد زمنياً، فكثير من الدول تحاول أن تجعل من حضورها الأقليمي وحتى الدولي باباً لتعويض ما تشعر به من نقص. ومع أن العلاقات الدولية لم تعد تضع فارقاً كبيراً بين الدول الكبيرة والدول الصغيرة، إلا أن الوزن الكمي والدولي للدول لا يمكن أن يتغير لمجرد أن تسلك إحدى الدول سلوكاً يتعارض مع محيطها الإقليمي، موظفة أدوات إعلامية، مستثمرة أموالاً لتقوم بأدوار لا يقبل أن تؤديها دول أخرى احتراماً لمبادئ شعبها وتقديراً للروابط التي تجمعها بالدول المجاورة.

الأدوار التي تقوم بها دولة قطر، استجابة لرغبة بل ولطلب قوى دولية تريد أن يكون لها تأثير عبر ممثل في المنطقة ليس بالجديد، فقد سبقت قطر دول أخرى لعبت الدور نفسه، وانتهت بعد انتهاء ما رُسم لها، ودفعت ثمناً هي وشعبها، والقارئ الجيد للتاريخ يجد الكثير من القصص المشابهة كالتي تقوم به قطر الآن.

يصل الأمر بالدول التي تلعب أدواراً أكبر من حجمها إلى اختفاء تلك الدولة، والنصيحة لأحبائنا في قطر أن يقرؤوا جيداً، فالمحطة الإعلامية لن تكون قادرة على أن تحصن كياناً من الأخطار ومما يرسم له، ولا الأموال تستطيع أن تستوعب كل ما يوضع من خطط خصوصاً بعد أن ينتهي الدور الموضوع لقطر.

المحطة الفضائية والضجيج الإعلامي يمكن أن يُستوعب، ومثلما أنشأت المحطة الفضائية إياها يستطيع الآخرون أن يقيموا عشرات، وما نراه من تراجع لتلك المحطة وبروز محطات أخرى تأكيد لما نقول.

أما الأموال التي تشعر قطر أن لديها فائضاً تجعلها تمنحه للقاعدة والحوثيين وحتى للمعارضين في دول هي أقرب إليها، عليها أن تعلم وبمعادلة بسيطة وحسبة عادية أن الآخرين لديهم من الأموال ما يفيض ما لدى قطر، وبإمكانهم أن يوجوهه إلى اتجاه يتعبهم إن لم يؤد إلى القضاء عليهم وليس لإلغائهم.

فاصلة القول، على من يدير السياسة في دولة قطر التي نريدها دولة تعزز المسيرة الخليجية وتقوي البناء الخليجي أن يقرؤوا التاريخ جيداً ويستنبطوا عبراته ودروسه جيداً، قبل أن تجرف تداعيات التاريخ هذا البلد العزيز مثلما حصل لبلدان كثيرة.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب