Saturday 08/03/2014 Issue 15136 السبت 07 جمادى الأول 1435 العدد

مركز حياة لمكافحة التدخين بمحافظة البدائع

البداية نحو حياة النقاء

البدائع - صالح الحامد:

طبيعة البشر المغامرة نحو كل جديد وغريب للتعرف عليه ضاراً كان أم نافعاً، لذا يقع أحياناً في أوحال الخطيئة وبراثن الذنب، ومن أجل ذلك يصارع من يتوهم أنهم الأعداء المحيطون به، بادئاً بنفسه، ثم بمن حوله من المجتمع الذي قد يكون جزءاً منه قد ساهم في تعبيد الطريق الخطأ الذي يصطدم عابروه دائماً بجدار الندم، لكن خط الرجعة موجود لمن أيقظ الله ضميره، والذنب مغفور لمن تاب وأناب وهذا هدي سماوي ففي القرآن الكريم ما أكثر ألفاظ (الأوابين) (المتطهرين) (المستغفرين) (التائبين) ويجلو ذلك كله عمل (المستغفرين)، ومن الآفات التي هلك بسببها ملايين البشر وأصبحت سبباً لكثير من الأمراض المستعصية سجائر التبغ (الدخان) العادة التي انتشرت في المجتمعات بشتى أنحاء العالم باختلاف الوعي بطريقة الاستهلاك، وما أن ضج أنين المرضى وهز أركان العيادات سعال المدمنين وعلا صوت الطبيب طالباً إنقاذ الناس من هذا الداء، هب الغيورون على البشرية المحبين للخدمات الإنسانية لإنشاء عيادات تساعد مدمن (التبغ) على التخلص من هذه العادة السيئة.. لذا قامت الـ(الجزيرة) بزيارة لمركز حياة لمكافحة التدخين التابعة للجنة التنمية الاجتماعية بمحافظة البدائع وكانت البداية مع:

آلية الاستقبال وفتح الملفات:

حيث أوضح موظف الاستقبال علي المكي أن السرية هي طابع فتح الملفات ويسجل مع فتح الملف معلومات حول المراجع للعيادة ومن ثم تحويله للطبيب للكشف الأولي، ويضيف المكي: إن من مهامي تنسيق زيارات المراجعين فالبعض يحتاج لجلسات أطول والآخر يحتاج لمزيد من السرية.

البداية والخطط المستقبلية:

حيث أوضح مدير المركز الأستاذ علي صالح الدويغري أن نشأة المركز بدأت هذا العام في 14-1-1435هـ وهو خيري خدمي اجتماعي بتمويل ودعم من رجل الأعمال المهندس علي حسين الصغير، ويقع المركز في محافظة البدائع وتمتد خدماته لكل المراكز التابعة للمحافظة وللمحافظات المجاورة ويعد المركز الآن جزءاً من لجنة التنمية الاجتماعية في المحافظة وتحت إشرافها، كما أوضح الدويغري أن التجهيزات الأولية كلفت 300 ألف ريال وهي أجهزة متطورة وحديثة تخدم بشكل متطور المحتاجين للتخلي عن التدخين.

وبيّن أن أبرز أهداف (مركز حياة) أن نسهم في إيجاد مجتمع بلا تدخين ومساعدة المتورطين بهذه الآفة للتخلص منها وتوعية أفراد المجتمع قبل الوقوع في وحل التدخين، ونستهدف الطلاب في المدارس والتجمعات الشبابية والموظفين في جميع القطاعات ونتواصل بالتوعية عبر كل وسائل الإعلام وبرامج التواصل الاجتماعي، فقد تم توزيع ونشر أكثر من 4000 مطوية ولافتات بأماكن الإعلانات بالطرق الرئيسة.

وحول الموقع الحالي يؤكد الدويغري أن هذا المقر مؤقت والموقع القادم عبارة عن برج تقدر تكلفته بخمسة ملايين ريال يحوي مجموعة من الشقق والمحلات التجارية التي سيكون ريعها للمركز الذي سيكون جزءاً من هذا البرج السكني التجاري.

البداية الفعلية:

يؤكد الأستاذ الدويغري أن البداية كانت بخطى واثقة، فالإقبال لا يوصف ورغبة المدخنين جامحة للتخلص من هذه العادة التي تورطوا فيها عبر مرور الأيام فقد استقبلنا حالات لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر بينما استقبلنا حالات جاوزت السبعين والهمة والهدف واحد (خلصونا مما تورطنا به)؛ وتأتي الدوافع كثيرة منها الصحية والمجتمعية، فمدمن الدخان يشعر بعزلة مجتمعية وبعد عن أعز الناس وتخوف من تذمر المصلين أحياناً، فالبيت والمسجد والزوجة والعمل ليس من بينها صديق للمدخن.. وقال الدويغري: العمل معهم بالسرية ولا نصف من يزور المركز إلا بـ(المراجع)، فيما اقترح محرر الجزيرة أثناء الحوار أن يسمى (صديق الحياة) لأنه بعد العلاج سيكون شخصية مرغوبة ومرحب به من كافة شرائح المجتمع لذا ستكون صداقته للحياة انطلقت من مركز حياة.

الفقر.. والغنى.. والصاحب:

حول سؤال الجزيرة: هل البيئة الفقيرة أو الغنية تسهم في جعل الفرد ينحو باتجاه السيجارة؟

يؤكد الدويغري أن حالة الفقر والغنى لا علاقة لها بوقوع الشخص بالتدخين إنما البيئة الجاذبة والمسببة للوقوع بهذه الآفة هي الأصدقاء والقرناء فالصاحب ساحب حتى ولو لم يقع فهو متضرر لأنه يقع فيما يسمى بالتدخين السلبي حيث يستنشق التدخين من بقيا البيئة المحيطة به وهم الأصدقاء المدخنون.. ويضيف الدويغري أن بيئات التجمع الصغيرة المنغلقة على نفسها (الاستراحات) تخلق جواً مناسباً للمدخن وقد تسهم في انتشار هذا الوباء.

السيارة المتنقلة:

ويصف الدويغري التجهيزات بالمتكاملة ومنها السيارة التي تمثل عيادة متنقلة وهي مجهزة بأحدث الأجهزة ومنها جهاز الرئة وجهاز قياس النيكوتين وجهاز الملامس الفضي المساعد على تخليص الجسم من ترسبات النيكوتين لتخفيف حالة الإدمان تدريجياً.

الكشف الأولي:

عند زيارة المراجع لمركز حياة وبعد الإجراءات الإدارية يستقبل الدكتور عبدالحميد حمدي المراجع لإجراء الفحوصات الكاملة والشاملة لكل أجزاء الجسم لاكتشاف مدى تأثير التدخين عليها ومنها القلب والصدر والبطن والرئتين والدم بشكل عام والتعرف على نسبة الأوكسجين في الدم ونسبة الكربون وفحص النظر والطول والوزن وكل هذه الإجراءات مجانية وذلك لمعرفة مدى تأثير الدخان على كافة أعضاء الجسم؛ وبعد هذا يقرر مستوى حالته ليصرف له العلاج المناسب من الصيدليات عدا الجلسات العلاجية فهي داخل المركز.. ويؤكد الدكتور عبدالحميد أن بعض الحالات يصل صاحبها إلى هدفه لكن ضعف الإرادة يجعله يعود ليهدم كل ما بنى، وهذه أبرز المشاكل التي يواجهها المركز مع بعض الحالات.

جلسات الملامس الفضي:

في هذا الجانب من المركز يتحدث الدكتور رياض أباالخيل عن طريقة العمل على جهاز الملامس الفضي حيث يذكر أن الجلسات هنا للمدخنين الذين إرادتهم ضعيفة فالجهاز يساعد على تنشيط مادة الأندروفين في الجسم وهي بدورها تساعد مدمن التدخين على التخلص والخروج من حالة الإدمان ويترك الدخان بطريقة سلسة وهذه المادة عندما تنتشر بالجسم فإنها تحمي المدخن من حالات التوتر والاكتئاب التي تنتابه فترة العلاج، فهي تخفف حالة الإدمان الشديدة والرغبة في التدخين.

ويضيف الدكتور رياض أن الذبذبات الكهربائية تساهم في تنشيط الدورة الدموية والتي بدورها تساعد الرئة على التخلص مما قد ترسب عليها من آثار التدخين عبر مرور الأيام، ومدة الجلسة نصف ساعة والجلسات عادة لا تتجاوز سبع جلسات وبعدها يعاد الكشف الطبي على المدخن للتعرف على نسبة النيكوتين بعد المرحلة العلاجية، ومن المؤكد أنها انخفضت بعد العلاج خلال الفترة السابقة، ولا فائدة من علاج ضعيف الإرادة الذي يحضر الجلسات ويظهر الحماس ومن ثم إذا خرج مارس التدخين مرة أخرى.

التهيئة الأولية:

ويذكر الدكتور رياض أن المراجع للمركز يهيأ قبل بدء الجلسات ويعرض له بعض الصور ومقاطع الفيديو عن أثر التدخين على اللياقة البدنية وعلى الذاكرة وعلى الحياة الزوجية بالإضافة للعزلة الاجتماعية فهو يبتعد عن تجمعات العائلة عن المسجد أحياناً عن الصغار وعن الوالدين، وهكذا يقنع ويناقش بجلسات إرشادية للتعرف على مدى جديته وأنه صاحب قرار جازم في ترك التدخين ليعود للحياة بشكل أفضل.

ختاماً: اتضح جلياً الجهد الكبير الذي تقوم به لجنة التنمية الاجتماعية بمحافظة البدائع ممثلة برئيسها الأستاذ صالح أباالخيل وبقية أعضاء مجلس الإدارة والدعم السخي من رجل الأعمال المهندس علي الصغير الذي تكفل بكل ما يخص هذا المشروع بكل تكاليفه وحسب المواصفات التي تفرضها اللجنة وإدارة المركز فيما ظهرت من جانب آخر روح العمل بالفريق الواحد والتوسع في ثقافة التطوع والعمل الخيري الممتد أثره إلى الغير.