Tuesday 11/03/2014 Issue 15139 الثلاثاء 10 جمادى الأول 1435 العدد
11-03-2014

قيمٌ، هي ليست لعضلةِ اللسان مضغةً..!

قبل سنوات حين أقرت وزارة التربية، والتعليم تدريس منهج مستقل للتربية الوطنية، كنتُ واحدة ممن عارض الفكرة تماما..،

وكان أن كتبت عن ذلك من منطلق سبل تأسيس القيم، مثل الذي كتبتُ عنه في شأن سبل ترسيخ القيم الإيمانية، فكلاهما لا يؤسسان فقط عن طريق تخصيص منهج بعينه، إذ كي نعلم النشء أن الله خلق السموات كما خلق الإنسان، فإن هذا الإنسان ضمن معارفه عليه أن يتدرب كيف يتفكر متبصرا في نفسه ليدرك هذا، فكنت أميل كثيرا إلى مزج المعلومات عن مادة ما عليه التبصر فيه ضمن المنظومة التي يتلقاها من المعارف، والخبرات العلمية لتتجذر قيم الإيمان المطلق، وترسو القناعة بالبراهين الناصعة عن طريق ربط العلوم بها، وجعلها أدلة لكل خبرة داخل الكتاب المدرسي..,

ولإثبات البعدِ عن هذا السبيل فلنتمعن في شأن القوم من قيمة «الإتقان» وسلوكه، فمع أن القوم يعلمون الحديث الذي يوجه فيه محمد ابن عبد الله عليه الصلاة، والسلام إلى الإتقان في العمل، إلا أنهم ذهبوا يؤسسون لأقسام تعنى «بالجودة»، ويقيمون لها القياسات، والندوات، وهي قيمة إيمانية خُلقية سلوكية يوطدها الإيمان بالإحسان، هذا الجزء في العقيدة الذي هو رئيس في تربية، وتأسيس المطلق في علاقة المسلم بربه حين يجد أنه في كل حركاته تحت عين خالقه، يراه من حيث لا يراه، فإن أحب ربَّه بعد إيمان أطاعه، وخشيه، واتقاه..، وأول مبادئ هذا الإيمان مسالكه أي إتباعه..

لكن أهلنا يصيخون دوما أسماعهم عن ذوي أقلامهم، عن صرير عقولهم..!

وذهبنا نقول وهم لا يسمعون إلا من يعوج لسانه، ويكثر هذره..!

ومن ذلك المنطلق كنت قلت إن تأسيس قيم المواطنة لا تأتي بالدرس المكتوب، والكتاب المقرر الموسوم، إنما تأتي بالتمثيل، والنمذجة، والمواقف التي تدعمها أنشطة المقررات جميعها داخل الفصول، وأنشطة المدرسة في وقت فسحة الحركة، والفكرة، والممارسة...، فقيم المواطنة تبدأ باحترام المظهر، ونقاء المخبر، من عتبة الباب، ومقود العربة، وسور الجار، وكلمة تقال عند الاختلاء بالذات، أو في فضاء التفاعل مع غير الذات..، ومثل هذا السلوك لا تهيئه أوراق محبرة، واختبار قابل لحفظ سطوره، لا مكنون صدورهم..

ولأن القيم الوطنية ليست تخرج عن القيم الإيمانية..

فإن تأسيسها لا يكون عفو خاطر، ولا في جلسة تداول أكواب عصير..

بل هي جهد، وفكر، وتأليف، وسهر وعطاء لا محدود من فكرة وتنفيذ، ومتابعة، وتطبيق..

ومن ثم إيمان تفسره المسالك، ولا يؤوِله الظن..

فقليل من العناية بهما في منهج كل درس في التعليم، ..

وفي مسالك نقل الخبرات، وغرس القيم..

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب