Friday 14/03/2014 Issue 15142 الجمعة 13 جمادى الأول 1435 العدد

«philomena» علاقات إنسانية بعيدة عن الآيديولوجيا

فيلادلفيا - عبدالمحسن المطيري:

من المهم لأي سينمائي، خبيراً كان أو مبتدئاً، مشاهدة فيلم من أوروبا بين الفينة والأخرى، فالسينما الأوروبية تقي المشاهد السينمائي من فيروسات وأمراض تتسبب بها غالباً الأفلام التي تصدر من إستوديوهات هوليود إلا ما رحم ربي.

من الأفلام الهامة هذا العام الفيلم البريطاني العميق «فولومينا» والذي يقدم سيناريو مبني على قصة حقيقية مثيرة للنقاش عن قصة سيدة خطف ابنها الصغير منها وتم بيعه لعائلة أمريكية ثرية من قبل الكنيسة الكاثوليكية بسبب أن «فولمينا» أنجبت طفلها من خلال علاقة خارج الزواج، يحقق صحافي علماني حول القضية المريبة والتي بذل الكثير من العمل لكي يعرف تفاصيل ما حدث وكيف ولماذا.

عانت أووربا بشكل عام وبريطانيا بشكل خاص طوال القرون الماضية قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية من عصور الظلام وفترة تحكم الكنيسة بالمجتمعات، حتى ما بعد عصر التنوير صعدت العديد من النظريات والحركات الراديكالية مثل المستقبلية ما تسبب في نهوض وانتعاش الأنظمة الفاشية والديكتاتورية مثل النازية والروسولينية والماركسية في شرق أوروبا أثناء حقبة الاتحاد السوفييتي.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبح العديد من سكان أوروبا خصوصاً الغربية منها مؤمنين بطريقة عيش وقانون بعيداً عن السلطة الدينية والعسكرية خصوصاً الكاثوليكية منها، مما عزز التطور العلمي والتقني والإنساني لدى الكثير من البلدان خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي، ولكن لا تزال بعض الدول تعيش بعض من سلبيات ما بعد انهيار الكنيسة وتغلغلها في الدولة العميقة في بعض البلدان خصوصاً دولة مثل إنجلترا والتي لازالت بعض مدارسها حتى اليوم تدرس مناهج تتناقض مع نظريات علمية ثابتة كالتطور مثلاً، والقوانين تغض الطرف عن خطابات جهادية عنيفة مؤيدة بشكل صريح لتنظيم القاعدة مثلاً، بحجة حرية الرأي. من فيلم فولمينا نتعرف كيف يفكر الشعب البريطاني، الغالبية منه على الأقل. ذكر ريشتارد دوكنز في أحد لقاءاته أن الشعب البريطاني لازالت ثقته عالية في الكنيسة. ولذلك تكون أهمية هذا الفيلم الذي يطرح العديد من الأسئلة ولا يجيب عليها، بل يجعل المشاهد هو من يستنتج الهدف من الفيلم.

الفيلم يقدم وجهات نظر لكلا الطرفين ليجعل الخيار لنا لنقرر كيف ننظر للكنيسة والتي لم تكن هذي أول أو آخر الفضائح فالجميع يذكر فضيحة التحرش الجنسي للأطفال، والفساد المالي والإداري في عدد من الكنائس حول العالم.

الفيلم ترشح لأهم الأوسكارات هذا العام منها أفضل ممثلة رئيسية وأفضل نص مقتبس، ونال باستحقاق البافتا عن فئة أفضل نص مقتبس هذا العام، وبلا شك يعتبر من أفضل الأفلام الأوروبية بشكل عام والبريطانية بشكل خاص، وله مكانة هامة في قائمة الأفلام هذا العام التي تثير النقاش وتطرح قضية حساسة في بلد يدعي العلمانية ولكن ينقصه الكثير من أساسياتها وثوابتها.