Saturday 22/03/2014 Issue 15150 السبت 21 جمادى الأول 1435 العدد
22-03-2014

احتراف مشجعي الكرة!

معظم متابعي وعشاق كرة القدم عاطفيون، وإلا لما انحازوا بشكل كبير إلى فريق دون الآخر، بل ونصبوا كمائن العداء والضغينة لعناصر الفرق المنافسة، إلى درجة التعامل مع لاعب كرة القدم كما لو كان سياسياً، تتم محاكمته وتخوينه، بمجرد أن يفكر في الانتقال إلى فريق آخر، وتزداد الخيانة ونكران العيش والملح، إذا كان انتقال اللاعب إلى الفريق المنافس في المدينة ذاتها.

صحيح أن هؤلاء اللاعبين يتعاملون بمنطق الاحتراف، ويبحثون عن تأمين مستقبلهم بعد اعتزال اللعبة، ولكن أحياناً البحث عن المصلحة المادية قبل الاستقرار النفسي والذهني، يؤدي إلى نهاية مأساوية للاعب، فقد يتوجب أحياناً على لاعب كرة القدم الموازنة بين عروض الاحتراف المقدمة له، ليس فقط من الجانب المالي، بل من كافة جوانب هذا العرض أو ذلك، وهناك نماذج كثيرة فشلت في الانتقال من فريق إلى آخر، خاصة بين المنافسين، كما في حالتي فهد الغشيان، وسعد الحارثي... وربما غيرهما. ومع ذلك فإن هذا التنقل بين الأندية قد يخفف من حالات الاحتقان، ويكشف أن المسألة في النهاية تنافس شريف في لعبة جماهيرية.

أجزم أحياناً أن التسامح بين الألوان، والتعامل الجماهيري بوعي مع اللعبة، ونبذ التعصب والكيد للخصوم، والتنابز بينهم، هو أساس هذه اللعبة، بل أتمنى أحياناً احتراف حتى المشجعين، بالتنقل من تشجيع فريق إلى آخر، للتخفيف من الحدة في الكره والضغينة، ولكن التشجيع في نهاية المطاف عشق وتعلّق بفريق دون الآخر، ومتابعته لا متابعة خصومه، وهو الفرق الذي يجب أن نتوقف عنده!

أتفهم أن أتابع خصمي لأنه ينافسني في الترتيب، أو في حصد بطولة ما، لكنني لا أستوعب متابعة خصمي، رغم أنني لست معه في منافسة أو بطولة، فقط لأتشفَّى وأحتفل بهزيمته على أيدي الآخرين، وكأن هزيمته هي انتصار لفريقي، وأتحدث هنا بعموم، لا أعني فريقا دون الآخر.

أتذكر مشجعاً شهيرا، يمثل رئيس رابطة جماهيرية لناد ما، تحول لتشجيع نادٍ آخر، وأصبح فرصة للتندر والسخرية، وكأنه اقترف إثماً ما، بل حتى مع اتهامه بقبض راتب شهري، كما لو كان محترفا، هو حق له، وقد يكون أحياناً مبرراً، في مقاييسه، كما لاعبي كرة القدم، أن يتحول لتشجيع نادٍ آخر، قد يضمن له دخلا أعلى.

على إدارات الأندية الرياضية البحث عن وسائل تخفيف الاحتقان بين الجماهير، ولا تكفي بالطبع لافتات من فئة: لا للتعصب الرياضي، بل لابد من البحث عن طرق بديلة للتخفيف بين الجماهير، بدءا من وقف التعصب في وسائل الإعلام، سواء المرئي أو المكتوب، وحتى عقد لقاءات أخوية بين رابطات جماهير الفرق المتنافسة، لإقناع الرأي العام أن التنافس بين الأندية لم يزل في خندق التنافس الشريف.

أفكر لو تجرأ المشجعون في مواقع التواصل الاجتماعي، على اقتناء شعار الفريق الخصم، وتجربة تشجيعه لأسبوع واحد فقط، هل سيسهم ذلك في تخفيف هذا الانتماء، الذي يصل إلى مرحلة الهوس، وتكوين التجمعات التي تتفنن في الشتائم والسخرية والإيذاء، ماذا لو تمت أمور شبيهة، تخبر هؤلاء، أن التشجيع سلوك حضاري فعلا؟

مقالات أخرى للكاتب