Monday 24/03/2014 Issue 15152 الأثنين 23 جمادى الأول 1435 العدد
24-03-2014

البكاء .. والتقاعد .. متى؟!

1) ليس للبكاء موعد في حياتي!

- بيني وبين (البكاء) شيءٌ من ود وشيءٌ من شجن وشيءٌ من عتَب، مهما تباينت ظـروفُ الحاجة له فرحاً أو ترحاً! فهو يجلب لي السكينةَ متى حلّ، ولو لثوانٍ، وهو يضنُّ عليّ (بحضوره) أغلب الأحيان، خاصة حينما أكون أشدَّ حاجة إليه!

* * *

- ولذا، درجت على القول بأن ليس للبكاء موعدٌ في حياتي.. يلبي هواجسَ الخَاطر متى حلّتْ الحاجة إليه، ويشدُّني العجبُ أن الدمعة لا تستجيبُ لي كثيراً، إمّا تمرداً أو دلالاً، مهما كانت درجة الحاجة لها، وكأنّها (تُؤازرُ) ظرفي الحزينَ أو تقاطع لحظة فرحي! بدلاً من أن (تهطل) لتُزيلَ غبارَ الحزن من خاطري وتحلّ السكينة به! أحياناً أجدني اغبط الطفلَ، لأن الدمعَ يستجيبُ لنداء خاطره ولو لأتفه الأسباب، فتصل (رسائلُه) عبر الدمع إلى حيث يجب أن تصل ويتحقق له ما يريد!

* * *

- أمّا نحن معشرَ الكبار سناً. فإن بين بعضنا والدمع ألفةً أو جفوةً أو عداءً، وأنا أنتمي إلى الطيف الأوسَطِ من هذا التصنيف، فالدمعُ عندي يجفُو.. قبل أن يَستجيبَ لندائي ولو بعد حين، وأضرب لذلك مثليْن: فحين بلغني نبأ وفاة سيدي الوالد رحمه الله، كنتُ خارجَ المملكة فـي شأن رسمي، وقد اهتزت أوتار قلبي فقداً له و شجناً، وتمنيت في تلك اللحظة (سُقْيا) من الدمع يمنحني صلابةً وهدوءاً، ويبدد سحائب الحزن في خاطري، ثم عدت إلى المملكة.. واستقبلت العزاء، ولكن.. ظل الدَّمعُ حبيسَ العين شهريْن تقريباً لا يغادرها، حتى كان الفجرُ من ذات يوم في أواخر رمضان من العام نفسه، وكنت أمضي إجازة عيد الفطر المبارك فـي ضيافة سيدتي الوالدة رحمها الله، وفيما كنت خاشعاً في المسجد بين يدي الله.. خلف الأمام، إذا بالدمع يَخترقُ حواجزَ العيَنيْن لحظةَ تذكرتُ أبي، ثم ينهمرُ مدْراراً، وكانت لحظة لا تُنسَى!

* * *

- أما المرة الأخرى التي زارني فيها الدمع فكانت عقب وفاة سيدتي الوالدة بيوم واحد، حين كنتُ فـي سرادق العزاء استقبل المواسين بمدينة أبها، وكنت أتظاهرُ بالجَلَد أمام المعزين حين هاتفني صديقٌ من جدة معزّياً، ثم قال :(لقد قرأتُ للتو مرثيتَك في والدتك رحمها الله فتذكرت والدتي غفر الله لها).. لم يكمل الصديق المعزّي مرثيةَ عزائه، بل انهار هو باكياً واقفل الهاتف، وهنا، تفجرت ينَابيعُ الحزن في قلبي فاستجابتْ لها عينَايَ بدمْع غزير، واستبكيتُ بذلك بعضَ الحاضرين! تسألُني بعد ذلك متى بكيتُ آخر مرة، فأقول : الدمع لا (يُؤرَّخ) بزمان أو مكان، ولكن (الظروف) تسوقه بلا موعد.. فـي أيّ زمان أو مكان!

* * *

2) حين يحل التقاعد.. لكل حدث حديث:

- سألني سائل ذات مرة : هل لديك (خارطة طريق) حين يحل التقاعد من العمل الحكومي، عبر مشروعات مستقبلية.

- فقلت... إن مشاريع المستقبل، إن وجدت، مؤجّلة فـي الوقت الراهن، لأنني مرتبط بولاية عملي الحالي ومسؤولياته، ومن ثم لا أستطيع فعل شيء، عدا الكتابة الأسبوعية عبر هذه الزاوية الأثيرة على نفسي، اما مشاريع المستقبل المؤجلة بالنسبة لي فهي لا تعني بأي حال الخوض فـي عروض التجارة، ولا المضاربة في سوق الأسهم والعقارات، فلست مؤهلاً نفسياً ولا مهنياً لهذا أو ذاك!

* * *

- أما فترة ما بعد التقاعد فسأعمرها بإذن الله بنشاط معين تستجيب له قدراتي المتواضعة، الفطري منها والمكتسب، وفي الوقت ذاته، سأعمل على تنشيط وتيرة القراءة والكتابة، وتدوين المزيد من المذكرات، لاسيما المتصل منها بسيرتي المهنية، وقد أخوض مجال (كتابة القصة) بعد أن حرضني كثيرون من محترفي الإبداع الأدبي على ذلك، وإلى أن يحين ذلك الوقت.. لكل حدث حديث!!

مقالات أخرى للكاتب