Wednesday 26/03/2014 Issue 15154 الاربعاء 25 جمادى الأول 1435 العدد

الحصاد المر

إبراهيم إسماعيل

لقد ولّى عام 2013 بكل مآسيه وآلامه وكوارثه على الأمة العربية، ولحق بثلاثة وثلاثين عاماً قبله لم تكن أفضل منه كثيراً، ولعله من المفيد بل والضروري جداً استعراض نكبات وكوارث هذه الأمة خلال السنين الماضية بشكل موجز، لعلنا نستطيع تعديل اتجاه بوصلتنا وأخذ العبر مما حصل لنا وبسببنا نحن في المقام الأول.

وسيكون مدخلنا لهذا الحديث المؤلم ما قاله الشاعر في وصف الأندلس وممال كها الممزقة قبل أن يفترسها الإسبان مملكة تلو الأخرى بسبب فرقتهم وقصر نظرهم، فقد قال - يرحمه الله -:

مما يزهدني في أرض أندلسِ

أسماء معتضد فيها ومعتمد

ألقاب مملكة في غير موضعها

كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد

وكأن الشاعر يتحدث عنا وعن حالنا البائسة اليوم مع الفرس.

فعندما كان العراق موحداً وقوياً استطاع لوحده الحد من تنفيذ مخططات الفرس التخريبية في دولنا، فماذا سيكون الحال لو كانت مصر قوية وسوريا قوية بدون العصابة النصيرية العميلة واليمن قوياً على الأقل في وجه النفوذ الفارسي في داخله.

إن ما نراه الآن من امتداد سرطاني فارسي بعمالة شيعية داخل دولنا العربية لم يأت نتيجة لقوة الفرس ودهائهم فقط، ولكنه أتى أيضاً بسبب ضعفنا وفرقتنا وعوامل أخرى كثيرة استغلها الفرس أبشع استغلال.

سوف نستعرض بإيجاز حال بعض الدول العربية، لنرى مدى تأثير الفرس في ما يجري داخل هذه الدول من أحداث كارثية ونتخيل حال هذه الدول لو لم يكن العامل الفارسي محركاً لأحداثها ومستغلاً لشيعتها أو متشيعيها أو حتى بعض سنّتها قصيري النظر أو البلهاء.

العراق - لقد كانت الأقلية الشيعية (نعم أقلية ومن لم يصدق فليعمل تعداداً سكانياً يرفضه الشيعة الآن، ليتأكد مما نقول).. أقول: كانت هذه الأقلية تشتكي من سيطرة وتهميش الأغلبية السنّية لهم (بدون حقد طائفي) وهي بكل الأحوال شكوى غير صحيحة وتطالب هذه الأقلية الشيعية بالمساواة والعدالة، لكن عندما استلم الشيعة السلطة في العراق بفضل الغزو الأميركي له، فعلوا تماماً عكس ما كانوا يطالبون به، بل وبحقد واضح على السنّة العرب وليس الكرد وبعمالة وتبعية كاملة للفرس أسيادهم وأولياء نعمتهم.

ولو لم يكن العامل الفارسي موجوداً ومستغِلاً لشيعة العراق ومحركاً مثيراً للأحقاد الطائفية، لكان العراق بالتأكيد أحسن حالاً بكثير سنّةً وشيعة حيث كانوا كذلك لقرون كثيرة.

فقط عندما يضعف العراق يستطيع الفرس التدخل فيه وتبدأ الكوارث والحقد الطائفي، والتاريخ خير شاهد لمن أراد المزيد.

لبنان - عندما قَدِمَ موسى الصدر إلى لبنان من إيران والعراق، كان شعاره المعلن رفع الظلم والتهميش عن شيعة لبنان، (وبالمناسبة هذا التهميش مارسه زعماء الشيعة اللبنانيون وليس غيرهم على عموم الشيعة لعدة قرون)، وبعد الثورة الخمينية وأثناء الحرب اللبنانية رفع الشيعة شعاراً مضللاً آخر بأمر من سادتهم الفرس وهو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وتحرير الجنوب بمقاومين شيعة فقط!!.. وتولى الفرس كل شيء من التخطيط والتدريب والتسليح والتمويل والتوجيه وكل ما يتعلق بالطائفة الشيعية في لبنان، عملياً انتقلت هذه الطائفة من سيطرة الزعماء التقليديين اللبنانيين الشيعة إلى سيطرة الفرس الذين بدورهم نصَّبوا رؤساء عصابات وقطّاع طرق زعماء جدداً لهذه الطائفة.

وبعد التحرير المزعوم (هو انسحاب إسرائيلي من طرف واحد) في عام 2000 انقلب الشيعة على كل لبنان، ولم يعد مطلبهم رفع الظلم والتهميش عن هذه الطائفة والمقاومة كما زعموا كذباً، بل أصبح مطلبهم اختطاف لبنان كله وتسليمه للفرس وهذا ما يجري الآن.. وهذا هو سبب كوارث لبنان منذ تدخُّل الفرس فيه.

) سوريا - لقد عاثت الأقلية النصيرية فساداً وإفساداً وظلماً في سوريا قبل التدخُّل الفارسي فيها، ولقد ساهمت هذه الأقلية النصيرية المجرمة بعد الثورة الخمينية مساهمة فعّالة في امتداد النفوذ الفارسي إلى بلاد الشام، بل ساهمت في الامتداد السرطاني التخريبي للفرس في كل الدول العربية، وكذلك في تخريب واختطاف القضية الفلسطينية لمصلحة الفرس.

وعندما هبَّ الشعب السوري ثائراً ومطالباً بالتحرر من عبودية وظلم هذه الأقلية الفاجرة كان الفرس لهم بالمرصاد مع كل أذنابهم من الشيعة في المنطقة وخارج المنطقة أيضاً، وما نراه اليوم من إبادة وحشية حاقدة للجنس البشري في سوريا لم يسبق لها مثيل في التاريخ مستمرة منذ ثلاثة أعوام يغني عن كل الكلام.

أيضاً، وأيضاً الفرس هم المحرّك الرئيس لكل هذه الإبادة وهذا الحقد.

اليمن - لم يكن الحَوثي عندما انقلب وتشيّع ليظهَر ويستفحِل أمره داخل اليمن بهذا الشكل الحاقد بدون العامل الفارسي الذي أنشأ ودرب وسلّح وموّل هذا الفصيل اليمني المتشيّع حديثاً، وما زال الحَوثي يعيث فساداً وتخريباً في اليمن مرجعه وقبلته طهران وليست صنعاء.

البحرين - لم تعرف البحرين هذا الكم من العنف والحقد الطائفي، لولا جمعية الوفاق (جمعية الشقاق والنفاق الشيعية الفارسية) والتي كما هو حال شيعة العراق ولبنان قبلها تطالب برفع الظلم والتهميش المزعوم عن الطائفة الشيعية وتطبيق العدالة وغيرها من العناوين البرّاقة والمضللة، ولو وصل العملاء الفرس هؤلاء لما يريدون لكان وضع البحرين مشابهاً تماماً بل متطابقاً لما هو عليه الوضع الكارثي في لبنان وسوريا والعراق الآن.

الإرهاب - ويجب أن لا ننسى اختطاف الفرس لورقة الإرهاب السنّي ورعايته ودعمه لخدمة أهدافهم، فإيران ودميتها المالكي لا يحاربون داعش مثلاً، بل يستخدمونهم ذريعةً لقهر وإبادة السنّة في العراق، وما يجري اليوم لحظة كتابة هذه السطور في الرمادي والفلوجة من قتال بين داعش من جهة والعشائر العراقية السنّة من جهة أخرى، خير دليل وبرهان على دور داعش في المعادلة الفارسية، وكذلك هو الحال مع داعش في سوريا، فداعش لا تحارب العصابة النصيرية وحلفاءها الشيعة، بل تحارب الثوار السوريين الشرفاء، وهذا بالضبط ما تريده منهم هذه العصابة وأسيادها الفرس.

إن داعش وأخواتها، أصبحت أكثر خطراً على السنّة من الغزاة الفرس وعملائهم الشيعة والنصيريين في العراق وسوريا، والمستفيد دائماً هو من يتبجح كاذباً بمحاربة الإرهاب في هذه الدول مثل المالكي في العراق والأسد في سوريا وأسيادهم الفرس.

إن الخبث الذي استعمله الفرس في سوريا بإخلاء بعض المناطق لتدخلها داعش وتقوم نيابةً عنهم بقتل وإرهاب المواطنين هو نفس الخبث الذي يجري الآن في الفلوجة والرمادي، وما داعش سوى فصيل تابع للمخابرات الفارسية رعاية وتمويلاً وتسليحاً وتوجيهاً تماماً مثل حزب الشيطان في لبنان والحوثي في اليمن والعصابات الشيعية في العراق، وإسرائيل والأميركان وبعض الأنظمة العربية السنّية تعرف هذا بل وتملك الكثير من الأدلة عليه.

فبدون هذا الدعم والتّبني الفاضح من الفرس لهذه الأقليات العميلة الحاقدة لم يكن باستطاعة الحوثي في اليمن أو حزب الشيطان في لبنان أو العصابات الشيعية في العراق أو جمعية الشقاق والنفاق في البحرين أو النصيري المجرم الحاقد في سوريا الصمود والبقاء لأشهر فقط.

هذا باختصار شديد وصف لدور الفرس التخريبي في بعض الدول العربية، ولم أتحدث عن دورهم المشابه في الكويت وعُمان وشرق السعودية ومصر وفلسطين وكثير من الدول العربية والإسلامية متخفين وراء شعارات دينية وتحررية كاذبة محركها الرئيس حقد فارسي على العروبة والإسلام.

الخلاصة

إن كل الشرور التي تعاني منها الأمة العربية والإسلامية مصدرها الفرس وعملاؤهم الشيعة بتواطؤ واضح من الغرب وإسرائيل وبفرقة وضعف قاتل في هذه الأمة، هذه هي الحقيقة بدون فلسفة وما سواها كذبٌ في كذب ومن أراد التأكد ما عليه سوى استبعاد الدور الفارسي القذر والحاقد من المشهد في كل ما ذكرنا، وليتخيل بعدها كيف ستكون الأمور في هذه الأمة إن كان صادقاً يريد معرفة الحقيقة.