Monday 07/04/2014 Issue 15166 الأثنين 07 جمادى الآخرة 1435 العدد

من خاف سلم..!

حسناء محمد

مذهل أن تكون تركيبة البشر واحدة وتكون الفوارق بينهم كما بين السماء والأرض

قوة الروح وقوة الفهم وقوة الإحساس كل تلك القوى تشكل تلك التباينات بين إنسان وآخر, فتعجب من مروءة أحدهم وتعجب من دناءة آخر.. تعجب من صدق أحدهم وتعجب من كذب آخر. إلى آخر تلك القيم نرى كيف يتدلى أحدهم، وكيف يصل لسقف آخر، أو يهوي إلى مكان سحيق.

دعوني لا أذهب بكم بعيدا وألج معكم فيما أريد قوله.. وهو ذلك النقاش بيني وبين إحدى الصديقات التي فضلت أن تبقى بدون شريك، ليس كما يعتقد البسطاء في أنه لم يدق بابها أحد وينعتونهن «بالعانس» أو في أحسن حالاتهن «بالمسكينة».

ولكنها امرأة قوية في فكرها ومقدراتها «يعني» لها عرش فكري وهدوء مرهف يتلمس نفسه ألا يجرحه أحد.

هي عزمت على ألا يدخلن صرحها أحد.. تخاف أن يخوض فيه فلا يحسن الخياض.

أحيانا وصدقا تكون بعض المشاعر الصادقة المتأججة نقمة على صاحبها أكثر من كونها نعمة! فهي تغدو به خماصا وتروح به خماصا حتى إذا أضمر ولملم نفسه مخافة الهلاك، فتحت عليه باب رزق من المشاعر والخيالات تنوء به أولي القوة.

نعود لصاحبتي وكم معها من امرأة تحملت ذات القرار غير مكترثة على ماذا يؤول المصير. فهؤلاء من حِلف إما أن نكون أو لا نكون، نعم هم كما تتوقعون من يرفضون أنصاف الحلول وأنصاف الأشياء يريدونها لقمة هنيئة أو ليبقوا بصمت مكابر شجاع على جناح ذلك الطائر.

نعم أعلم أن ذلك ليس حكرا على النساء. فلبعض الرجال مذهب فيه قد يكونون أشد صلابة وعندا، ينفخ فيه مارد الخوف من الشريكة ألا تكون على ذات المقدرة الجبارة والفهم المخترق للعادة والإحساس المفعم المترقرق، يجعلهم يفضلون الوحدة «لحظة» أنا لا أبالغ هم هكذا يرون الأمور.

بعض التعمق في العلوم وفي معرفة الذات أو في الخوف من المصير يحدث زعزعة يصعب التحكم بها، أو خلطا لا يعد يميز فيه بين خيط الفجر الأبيض والأسود.

فيراه الآخرون تناقضا وهو ليس كذلك، لأنه مجرد قرار ربته حكمة يتيمة فخافت عليه أن يذوق مرارة يتمها، فرمت به في النهر يريها به الموت وتراه له الحياة.

لست أحاول فلسفة أمورهم ولا تأويلها، حتى الهرمنيوطيقا لن تستطيع الخوض في أغوارهم، لأن قرار البقاء في الوحدة يخاف منه الناس ويتصالحون مع واقعهم ويقبلون بما يجدون.. أما هؤلاء فيألفونه.

وليت شعري لمن وفق فوجد توأم روحه كيف هو به حتى يأخذا ببعض إلى الآخرة.

يقال نحتاج عامين لتعلم الكلام وستين عاما لنتعلم الصمت. في أمان الله.