Tuesday 08/04/2014 Issue 15167 الثلاثاء 08 جمادى الآخرة 1435 العدد
08-04-2014

طالبان تفشل وأفغانستان تتعافى

تقول الأنباء القادمة من أفغانستان إن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية هناك انتهت بإقبال كبير وغير متوقع من الأفغان ذكوراً وإناثاً، والأهم أنها لم تشهد حوادث عنف كبيرة كما هددت (حركة طالبان) المتأسلمة، اللهم إلا حوادث محدودة لا تذكر. وهذا يعني أن هذه الحركة تواجه مشكلة في قدراتها على تنفيذ تهديداتها؛ وهو ما يُشير بكل وضوح إلى أنها تسير نحو النهاية والتلاشي.

وبلغة الأرقام، كما تقول (محطة سكاي نيوز) التلفزيونية عن هذه الانتخابات التي جرت السبت الماضي، فقد (أدلى 7 ملايين شخص بأصواتهم من بين 12 مليون ناخب، كان لهم حق التصويت، وأن نسبة الإقبال على التصويت تكون بذلك بلغت نحو 58 في المائة، وكانت مراكز التصويت قد بلغت على الأرض في جميع أنحاء أفغانستان 6 آلاف مركز انتخابي. وهذه الأرقام طبعاً تستند إلى تقديرات أولية). وأضافت القناة تعليقاً على هذه الانتخابات الرئاسية المهمة: (ويُشكل انتقال السلطة من الرئيس الحالي إلى الرئيس المنتخب الجديد اختباراً كبيراً للاستقرار في البلاد ومتانة مؤسساتها، بينما يثير انسحاب قوات الحلف الأطلسي من البلاد بحلول نهاية العام الحالي مخاوف من عودة الفوضى التي خلفها سقوط نظام طالبان عام 2001). ولا شك أن هذه الأرقام الضخمة من الناخبين التي شاركت في التصويت رغم تهديدات الإرهابيين الطالبانيين هي بالنسبة لجميع نُشاد السلام أخبار مفرحة ومطمئنة، وتشير إلى غدٍ مشرق لهذا البلد الجريح الذي يئن من الإرهاب والمخدرات منذ عقود.

وكما يعرف الجميع، فالإرهاب المتأسلم منشؤه التاريخي أفغانستان، ويتمول من خلال الاتجار بالمخدرات، وحركة طالبان هي تجربة يُعلّق عليها كثير من الحالمين المتأسلمين، وبخاصة المتشددون منهم، آمالهم لاستعادة دولتهم (الوهم). ونجاح الانتخابات الرئاسية هناك لا شك أنه سيصيب هذه الحركة في مقتل؛ فحلمهم هُزمَ في أول اختبار حقيقي له، وكما يقولون: النجاح يؤدي إلى نجاح أكبر، والفشل يجر معه فشلاً أقسى وأمر.

ومن يُتابع الحركات المتأسلمة والدموية أو كما يُسمونها (الجهادية) في الشمال الإفريقي العربي، أو في سوريا كحركتي (داعش) و(جبهة النصرة)، يجد أن الأسلوب الطالباني هو السائد حتى في اللباس؛ فقد أصبح الزي الأفغاني التقليدي - (البنجابي) - مثلاً سمة من سمات من يُسمون الجهاديين العرب، بل يُقال إن الإرهابيين في سيناء المصرية من الكوادر المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية يتزيّون بهذا الزي أيضاً عندما لجؤوا إلى العنف والتفجيرات مؤخراً. ويبدو أنهم حينما يُصرون على ارتدائه يعتقدون أنه حافز من حوافز النصر. بل إن قطع الرؤوس ودحرجتها وتخويف مناوئيهم بهذه العمليات البشعة هو أسلوب طالباني بحت، نشأ أولاً في أفغانستان، ثم انتقل الآن إلى سوريا كما تقول الصور واللقطات التلفزيونية البشعة لما تفعله (داعش) و(جبهة النصرة) بالقتلى من مناوئيها في الحرب الأهلية السورية، التي تملأ صورها الفوتوغرافية ومقاطعها التلفزيونية مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت. لذلك فإن ضعف طالبان في عقر دارها يعني ضعف الإرهاب في كل مكان، وتخليص الإسلام والمسلمين من هذه الكائنات المتوحشة، والعقول المنتنة الصدئة، التي كلفتنا وكلفت الصورة النمطية لدين الرحمة والرأفة والسلام الكثير والكثير جداً.

وقد تابعت أولاً بأول أخبار الانتخابات الرئاسية في أفغانستان بشيء من القلق في البداية؛ لأن فشلها يعني أن محنتنا مع الإرهاب ستطول، حتى زفّت لنا القنوات الفضائية الإخبارية هذه الأنباء السارة والمطمئنة من هناك، مشيرة بكل وضوح إلى أن معقل الإرهاب، وكذلك معقل المخدرات في العالم، بدأ يتطهّر من هذه الكائنات والآفات القاتلة بعودة الحكومة المركزية بقوة، ونجاح الانتخابات، وفشل تهديدات من كانوا يهددون بإفشالها.

إلى اللقاء.

مقالات أخرى للكاتب