Tuesday 15/04/2014 Issue 15174 الثلاثاء 15 جمادى الآخرة 1435 العدد
15-04-2014

السعوديون خارج مليارات صناعة الإعلان!

السوق الإعلاني السعودي هو بين الأكبر عربيا بطاقة مليارية لا يستهان بها، لكن هذه السوق الضخمة والمتنوعة يتيمة حقا، تخيل 2 مليار دولار يتيمة وضالة في السوق بلا رعاية!

في المقال السابق تحدثت عن سوق الإعلان السعودي الضخم والعاجز عن استقطاب السعوديين، أو لعل الكلمة الأدق المغيب عن السعوديين ..والحقيقة أن الشباب لا يعرفون جيدا حجم الدخل الكبير للعاملين في هذا القطاع والذي لا يشكلون أي نسبة تستحق الذكر أو الإشارة!

نحن أمام صناعة هائلة وإبداعية معتبرة، لكننا في الوقت ذاته أمام ضعف أو عجز كبير في التأهيل والنفاذ لهذه السوق من قبل الشباب السعوديين في الجوانب الإبداعية أو التسويقية أو التنفيذية، ونظرة سريعة لهذه السوق سنكتشف معها أن الحضور السعودي ضعيف جدا جدا ومخجل جدا جدا..

لكن لماذا..؟ لماذا السعوديون خارج صناعة الإعلان وملياراتها؟

السؤال كبير والإجابة عليه تطلب ندوة متخصصة وطنية لهذه الصناعة، لكن لنبدأ من أول الخطوات، لا يوجد مثلا ومقارنة بالإعلام- كليات أو معاهد أو أكاديميات متخصصة للتدريب وتأهيل العاملين في هذه الصناعة. لا مبادرات،لا برامج،لا نشاطات،ولا حتى حديث يثار عنها!

فعليا هي صناعة يتيمة لا أب لها، تتوزع بين وزارة الإعلام والتجارة والبلديات!،. تحديدا كما ذكر أحد المغردين تعليقا على مقال سابق «في تصوري أن الطاسة ضايعة, لأن النص والرقابة عند الثقافة والإعلام، والتسويق والتصريح عند التجارة، والتنظيم عند البلديات!!». ولست متأكدا هل هذا سوء تدبير أو طالع أو أمر مقصود لتغيب حجم السوق الفعلي وتنظيمه.

وكما أن المبادرات في هذه الصناعة مفقودة، فإن التشجيع للمواهب شبه منعدم، والصدى الاجتماعي غائب، وفي منطقة الظل هذه يحقق العاملون الأجانب في القطاع أرباحا خيالية.

على مستوى الإدارة التنفيذية لن تجد سعوديا قادرا على الإدارة لوكالة إعلان معتبرة، البعض واجهات أو محاولات شخصية وحسب، ويندر أن تستمر بفعل قوى المنافسة وضعف الروح القتالية والتنافسية، قد يوجد بعض الأسماء الشكلية في هذه الصناعة لكنها لا تتجاوز كونها واجهات لم تقدم الكثير لسوق الإعلان الوطني. بقدر مساهمتها في حصد الأرباح الهائلة وتمريرها مباشرة للشريك أو المشغل الأساسي لهذا القطاع!

صناعة ضخمة لها حالة خاصة ، لم يسبق أن تم تأسيس العاملين المحلين فيها، على عكس الإعلام مثلا، حتى في عمق الإعلان المحلي حيث الصحف اليومية التي تحصد مئات الملايين من العائدات الإعلانية لم تتقدم أي مؤسسة بمبادرة لتوطين هذه الصناعة بنفس القدر الذي أنجزته مع العمل الصحفي على الأقل. وهو أمر ينطبق على مؤسسات الإعلام السعودي العامة والخاصة، بالمناسبة في الإعلام الدولي يعرف الإعلان بأنه الإدارة الفعلية الخفية!

الفراغ كبير جدا والمبادرات غائبة وما هو متوفر لا يرتقي لحجم السوق وقوته ثروته. مثلا- توجد جمعية سعودية للعلاقات العامة والإعلان تعرف عن نفسها أنها تمارس نشاطاتها العامة في تطوير المعارف النظرية والتطبيقية، وتقديم الاستشارات والدراسات العلمية والتطبيقية في مجالي العلاقات العامة والإعلان!. وهو تعريف محبط بنفس القدر الذي يحبطنا أداؤها!

كما يوجد في الغرفة التجارية بجدة لجنة للدعاية والإعلان تقول إن هدفها هو التواصل بين الشركات والأفراد العاملة في القطاع من خلال ورش عمل والتواصل مع الجهات المعنية لمشاركتهم في ما يطرأ من جديد على صناعة الإعلان، كلام كبير، لكن كل هذا مجرد أمنية لا أثر لها، ولا أنصحكم بتتبعها!

إذا نحن أمام سوق مليارية وبالدولار، والسعوديون خارجها، إنها سوق أشبه بالثقب الأسود العملاق black hole ..!

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب