Tuesday 22/04/2014 Issue 15181 الثلاثاء 22 جمادى الآخرة 1435 العدد

ملتقى التعليم الإلكتروني في خدمة اللغة العربيَّة بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن

اللغة العربيَّة عبر فضاء التقنية الرَّحب

إنَّ الخفَّة التي تتحرَّك بها أصابعنا فوق شاشات أجهزة التقنية الحديثة تخبرنا عن مقدار اتصال حياتنا بها؛ فلم تعد التقنية مجرَّد فسحة ترفيهيَّة، أو إضافة يمكن الاستغناء عنها؛ إنَّ التقنية اليوم هي الوجه الجديد للحياة: نعبِّر بها، ونعبُر من خلالها إلى العالم.

إنَّ الأسئلة التي تُطرح بشأن التقنية وأدوارها، وآثارها في حياتنا كثيرة، أسئلة لم تعد تتعلَّق بمسألة الوجود، أو عدمه؛ فهذا أمرٌ محسوم، بل هي أسئلة تتعلَّق بماهيَّة هذا الموجود المستقرِّ المتشابك مع كلِّ تفاصيل حياتنا: كيف نجعل منه وسيلة لإثراء هذه الحياة، وجعلها أفضل، كيف نضمن أن تأخذنا هذه التقنية إلى حيث يجب، وكيف نذهب نحن بها إلى الحدود القصوى في الاستفادة؟

مثل هذه الأسئلة يطرحها أيضًا المهتمُّون بتعليم اللغة العربيَّة، وهي أسئلة ضروريَّة، وملحَّة يجدر أن تأتي الأجوبة عنها في إطار علميٍّ، ومن خلال رؤية واضحة، وعبر التمثيل بتجارب حيَّة متجسِّدة في واقع الحياة المعاصرة، ويتحقَّق هذا كلُّه في ملتقى (التعليم الإلكتروني في خدمة اللغة العربيَّة) الذي ينظِّمه كرسي بحث صحيفة الجزيرة للدراسات اللغويَّة الحديثة وترعاه معالي مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن الدكتورة: هدى العميل في رحاب الجامعة.

إنَّ الاهتمام المنصبَّ على اللغة العربيَّة ليس أمرًا طارئاً، لكنَّ الوقت قد حان للانتقال من مرحلة وضع التصوُّرات، والأهداف إلى مرحلة تحقيقها، إلى جعلها واقعًا في الحياة، وذلك أمرٌ لا يمكن أن يتحقَّق إلاَّ من خلال فهم واقع الحياة الجديدة، وإدراك اختلافها، وفهم متطلَّباتها.

لقد عمل كرسي بحث صحيفة الجزيرة للدراسات اللُّغويَّة الحديثة -منذ تأسيسه- على الخروج إلى آفاق أرحب في ميدان خدمة اللغة العربيَّة، هذه الرحابة التي تسمح بالوقوف على كلِّ ممكن، ومتاح من أجل أن تبقى اللغة العربيَّة -كما هي دومًا- سيِّدة لغات الدنيا، أن تحافظ على جوهرها، وأن تنبعث عبر كلِّ المسارات الممكنة، والتقنية -بما هي عليه من اليوم من اتساع، وتنوُّع- مسارٌ ممكن، وخصب، ومتعدِّد الاتجاهات، هذا التنوُّع كان باعثاً جوهريًّا انطلقت منه سلسلة ملتقيات الكرسي، وهي ملتقيات عملت، وتعمل على تجسير العلاقة بين اللغة العربية والتقنية، والوقوف على التحديات التي تواجه اللغة العربيَّة في عصر الحاسوب، وعالم الأجهزة الذكيَّة، والانفتاح المعلوماتي، فكان ملتقى: (اللسانيَّات الحاسوبيَّة)، ثم ملتقى (تحولات العصر الرقمي وآثارها في اللغة العربيَّة)، والآن يتطلَّع كرسي بحث صحيفة الجزيرة في ملتقاه الجديد (التعليم الإلكتروني في خدمة اللغة العربيَّة) إلى الاستمرار في تحقيق أهدافه، وإيصال رسالته من خلال استضافة نخبة من المتخصِّصين في مجالي: اللغة العربيَّة، والتقنية هادفًا من وراء هذه المزاوجة بين اللغة العربيَّة والتقنية إلى قراءة الواقع: واقع تعليم اللغة العربيَّة بشكلٍ خاصٍّ، وطرح الأسئلة المناسبة حول أساليب تعليم اللغة العربيَّة، وحول إمكانيَّة استثمار ما يمكن من وسائل التقنية الحديثة في هذا المجال.

لقد قام مشروع (كرسي بحث صحيفة الجزيرة للدراسات اللغويَّة الحديثة) على أرضٍ من الشراكة المنتجة الفاعلة؛ فقد كانت جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن تعمل -منذ نشأتها- على أن توصل رسالتها إلى كلِّ فئات المجتمع، ولم تحرص على شيء حرصها على أن يصل شعاعها المعرفي، ودورها المجتمعي إلى كلِّ مكان، فلا خير في علمٍ لا يُعمل به، ولا فضل لمعرفة لا تنتقل من الكتاب والمعمل إلى واقع الحياة: تأثيرًا وعملاً، كما كانت مؤسسة الجزيرة الصحفيَّة -وما زالت- مثال الشريك الواعي، المدرك لأهميَّة دوره، القائم به على الوجه الأكمل.

إنَّ نشاط الكرسي الذي امتدَّ لسنوات حافلة بالنجاح لم يكن ليحتفظ بتوهُّجه دون أن يستند إلى إيمان راسخ برسالته السامية النبيلة: خدمة اللغة العربيَّة، ولم يكن ليستمرَّ في رسالته -بعد عون الله تعالى- دون أن تظلِّله رعاية مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، وكافـَّة قطاعات الجامعة، ودون دعم صحيفة الجزيرة غير المحدود، ودون إدارة واعية للكرسي جسَّدت أهدافه، وقامت بواجبها على الوجه الأكمل، وصنعت نجاحًا يعقبه نجاح منذ تأسيس الكرسي تحت إدارة أستاذ كرسي بحث صحيفة الجزيرة السابقة: أ. د. نوال الحلوة، وحتى هذه الأيَّام التي تشهد انطلاق الملتقى تحت إدارة د. نوال الثنيان أستاذ كرسي بحث صحيفة الجزيرة وعميدة معهد تعليم اللغة العربيَّة للناطقات بغيرها، وبجهود مميَّزة من نائبة أستاذ الكرسي د. رائدة المالكي، وفريق العمل بالكرسي.

د. سهام بنت صالح العبودي - أستاذ الأدب والنقد الحديث المساعد بقسم اللغة العربيَّة - كليَّة الآداب - جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن - عضو اللجنة العلميَّة للملتقى.