Wednesday 23/04/2014 Issue 15182 الاربعاء 23 جمادى الآخرة 1435 العدد
23-04-2014

حقوق الإنسان ملكٌ للناس لا تشترى ولا تكتسب!

بادئ ذي بدء لا بد أن نقر ونعترف بضحالة فهمنا لثقافة حقوق الإنسان ماهية وتطبيقاً حقوقاً وواجبات، لأن ثقافة حقوق الإنسان عندنا ما زالت في طور التشكل وزرع البذور لنويات مستقبل يبصر الإنسان من خلالها إلى فضاء واسع في ثقافة الإنسان ذاته،

وهي ثقافة جديدة ينبغي النظر لها من هذه الزاوية، إننا بحاجة إلى عملية هائلة لتأهيل المجتمع فيما يتعلق بحقوق الإنسان وكيفية احترام هذه الثقافة وتطبيقها وتنفيذها، وبحاجة أيضاً إلى عمل جبار وممارسة فعلية حقيقية وجهد عال لتترسخ في مجتمعنا، إن مسألة حقوق الإنسان ليست مسألة ثانوية تهم رجال القانون وحدهم، وإنما مسألة مدنية، حضارية، اجتماعية، أخلاقية، تتماشى بمسافة واحدة ومتساوية مع سيادة القانون وروح النظام والتشريع، إن حقوق الإنسان هي المعايير الأساسية التي لا يمكن للناس من دونها أن يعيشوا بكرامة كبشر وهي أساس الحرية والعدل والمساواة والسلام وإن من شأن احترامها إتاحة فرصة تنمية الفرد والمجتمع تنمية كاملة غير منقوصة أو مبتورة، إن حقوق الإنسان مجموعة قيم لا تشترى أو تكتسب، إنها ببساطة ملك للإنسان وحده لأنه بشر، وهي متأصلة فيه بغض النظر عن العنصر أو الجنس أو الطائفة أو الرأي، وقد ولد الناس كلهم أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، فحقوق الإنسان عالمية ولا يمكن انتزاعها فليس من حق أحد أن يحرم شخصاً من حقوقه فحقوق الإنسان ثابتة ولا يمكن التصرف بها كي يعيش الجميع بكرامة، وعندما نقول إن لكل شخص حقوق إنسانية فإننا نقول كذلك إن على كل شخص مسؤوليات نحو احترام حقوق الآخرين أيضاً، ونظرا إلى الاهتمام الدولي الذي تحظى به حقوق الإنسان فإن -السعودية- كغيرها من الدول ركزت في مفهوم حقوق الإنسان، وصدقت على المواثيق الدولية والاتفاقيات المتعلقة بتلك الحقوق والانضمام إليها، وشجعت المملكة على إنشاء العديد من الجمعيات والهيئات والمنظمات المستقلة التي تعنى بتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وتختص هذه الجمعيات والهيئات في سبيل تحقيق أهدافها وللوصول إلى النتائج المرجوة لحماية وتنمية حقوق الإنسان بعدد من الاختصاصات منها: تلقي الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان ودراستها، وإحالة ما ترى إحالته منها إلى جهات الاختصاص مع متابعتها بشكل فعّال، أو تبصير ذوي الشأن بالإجراءات الواجبة الاتباع ومساعدتهم على اتخاذها، أو المعاونة في تسويتها مع الجهات المعنية، ودراسة التشريعات التي تدخل ضمن مجالات حقوق الإنسان والتوصية بالتعديلات التي تراها مناسبة في هذا الشأن، والبحث في مدى ملاءمتها واتساقها مع التزامات المملكة الدولية في مجال حقوق الإنسان، كما يكون لها التوصية بإصدار تشريعات جديدة ذات صلة بحقوق الإنسان والعمل على إصدار المبوعات والتقارير وعقد المؤتمرات وتنظيم الندوات، والمشاركة في المحافل الدولية والمحلية، وفي اجتماعات المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بمسائل حقوق الإنسان، وإجراء البحوث والدراسات في هذا الشأن، كما تسهم في دعم القدرات ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وتقديم الاقتراحات وإبداء الآراء، والتعاون مع المنظمات الدولية والجهات الإقليمية والأجهزة المعنية بالدولة لدعم العلاقات والمساهمة معاً من أجل إرساء منظومة السلام وتحقيق مبادئ حقوق الإنسان على أرض الواقع، كذلك التعاون والتنسيق مع الأجهزة المعنية في الدولة بإعداد التقارير التي تلتزم الدولة بتقديمها دورياً، تطبيقًا لاتفاقيات دولية، والتعريف بهذه التقارير بوسائل الإعلام المناسبة، وأيضا إصدار ونشر تقارير عن تطور جهود -المملكة- في مجال حقوق الإنسان والأوضاع الوطنية ذات الصلة، أن على الجميع أن يدرك ما يلي: -إن نشر ثقافة حقوق الإنسان ضرورة اجتماعية وسياسية واقتصادية.

- إن هذه الثقافة يجب أن تكون ثقافة المجتمع بأسره بمؤسساته وهيئاته وأفراده.

- إن إرساء هذه الثقافة تخلق جيلاً يؤمن بثقافة التنوع.

- إن المعرفة بالحقوق والوعي بها وسيلة لتطوير واقع الإنسان نحو مزيد من تحصيل حقوقه، بقدر ما هي وسيلة لوضع حد لتصرفات الذين لا يخضعون للقانون ولا يرغبون في الخضوع إليه لأنه يحملهم ما لا يطيقونه ولأنه ينتزع حق الآخرين منهم.

- إن ثقافة حقوق الإنسان من شأنها أن تضع حداً للنظرة الدونية للمواطن في وزارات ودوائر وهيئات تعودت أن تذل المواطن والتاجر والمستثمر مهما كان حقه جلياً، وإذا ما صادف أن استجابت لطلبه فكأنما تمنحه منّة وليس حقاً في نماذج خلنا أننا تجاوزناها.

إن ثقافة حقوق الإنسان والوعي بها وحمايتها هي من محاور التنمية السياسية، وتقوي مفاهيم سيادة القانون والمحاسبة والعدالة الاجتماعية التي هي من بين محاور الرؤية الاقتصادية، وأن هناك تكاملية بين حقوق الفرد وحقوق الجماعة، أو مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، ونشر ثقافة حقوق الإنسان وخلق البيئة التي تجعل هذه الثقافة سائدة في أوساط الطالب والمدرس والموظف والشرطي والسجين والطبيب والمحامي، وصاحب العمل، والبائع والمشتري، وكل فرد في المجتمع سيعمق الإيمان بالكرامة الإنسانية ويخلق المواطن الذي يشعر بالمسؤولية التشاركية تجاه البلد ويسهم في بناء أسباب نجاح مواجهة الفساد، ولا نبالغ في القول إن ثقافة حقوق الإنسان هي أولاً وأخيراً صمام أمان للدولة والمجتمع، كم وددت لو استوعب الجميع المعنى الأعمق لنشر ثقافة حقوق الإنسان لتكون التزاماً ينجز لنا ولغيرنا، فهل تبدأ الهرولة بالجملة والمفرق ونحاول استيعاب مفهوم ثقافة حقوق الإنسان في كل مناحي الحياة من أجل مستقبل مضيء وزاهر؟

ramadanalanezi@hotmail.com

ramadanjready @

مقالات أخرى للكاتب