Wednesday 23/04/2014 Issue 15182 الاربعاء 23 جمادى الآخرة 1435 العدد
23-04-2014

ادفع وشجع التسول!

عندما بدأت حملة التصحيح للمقيمين غير الشرعيين، اختفى عن أنظارنا المشهد المعتاد لمتسولات ومتسولين عند إشارات المرور وبجانب المطاعم وبعض المحلات الشهيرة، هذا مؤشر هام على أن قوة القانون قادرة على إزالة هذه المناظر المؤلمة، التي تستغل آلامنا وعطفنا لاستدرار مبلغ من المال من كل عابرٍ ومار، ما إن يمنح تلك المتسولة المسكينة التي تحمل على أكتافها طفلاً صغيرًا، وتسحب بيدها طفلاً أكبر إلا ويشعر كل منا بالراحة جراء هذا الفعل الإنساني الأصيل، ويزيد الشعور بالراحة عندما ينتهي المشهد بالدعاء والابتهال لله عز وجل، ويسمع المُعطي أشهى كلمات الشكر والعرفان.. في واقع هذا المشهد، أنه مساعدة لهذه المتسولة أو ذاك المتسول وتشجيعهما على الذل ومد اليد للآخرين. ولأكون أكثر واقعية فإننا مهما امتنعنا عن التصدق لهؤلاء ومنح الصدقة لمن يستحقها من المتعففين، إلا أن بعض المشاهد التي تقابلنا في الشارع تُجبرنا على الدفع للمتسول وبذلك سيخرج دائمًا وسيتسول أكثر.

أيضًا وضعت الدولة مكاتب لمكافحة التسول إلا أنها وبحسب زيارات سابقة وجدت أن هذه المراكز بحاجة إلى مزيد من الدعم من جهة، وإلى آلية عمل واضحة بعيدة عن العمل العشوائي القائم من جهة ثانية.

التقيت بمكتب التسول بعدد من المتسولات ولم أجد بينهن واحدة كان القبض عليها للمرة الأولى، بل هي اعتادت أن تخرج وتتسول ويتم القبض عليها ثم تخرج وتتسول مرة أخرى وهكذا، إذن هناك خلل في هذه الآلية وهناك من هو أكبر من الأفراد المتسولين في الشوارع بحاجة إلى البحث عنهم واجتثاث جذور فسادهم، فنحن نسمع كثيرًا عن القبض على متسولين أو عصابات تسول، لكننا لم نسمع لا بالقبض ولا بمحاكمة رؤساء هذه العصابات، وتعريف المجتمع بهم وبآلية أعمالهم حتى يقل التعاطف مع المتسولين.

قرأت خبرًا عن عزم عضوي الشورى الدكتور سعد مارق، والدكتور ناصر الشهري، بالتقدم إلى المجلس بنظام متكامل يخص مكافحة التسول ونشرت بعض الصحف شيئًا من ملامح هذا النظام، لذا لا يمكن مناقشته دون الاطلاع عليه كاملاً، إلا أن ما لفت نظري من ضمن العقوبات المذكورة هو إبعاد المتسول الأجنبي من البلاد لمدة معينة تصل إلى خمس سنوات، وأظن أنه لو تم إبعاده ومنعه من دخول المملكة نهائيًا لكان أجدى، فما الذي يجبرنا أن نستقبل مجددًا شخص خرج بتهمة يفترض أن تصنف في الاعتبارات القانونية كجريمة!

كذلك كلنا يعلم أن هناك من يدير عصابات التسول التي تستغل النساء والأطفال، وهناك من يجلب هذه الأدوات من خارج المملكة ونثرهم في شوارعنا. وهناك من يقوم بعمل التنظيم محليًا بكوادر وطنية، إذ أن هؤلاء تهمهم سعودة التسول، فيعمل القائد على الزواج من أربع وكل من زوجاته تجتهد في الإنجاب وهو يهتم بكثرة العدد لأنه ينجب قبيلة من المتسولين مما يحقق له الاكتفاء الذاتي ولا يضطر لاستخدام أطفال من العائلات الأخرى، وما دام موضوع التعدد متروك على عواهنه، فسيستخدمه رؤساء عصابات التسول من الآباء أسوأ استغلال، وهذا الأمر لم يروه لي أحد إنما رأيته بعيني.

إيقاف جريمة التسول ليس أمرًا سهلاً لكنه إن وجد قانونًا يردعه فعلى الأقل ستقل نسبته ومع وعي الناس سيتلاشى ويندثر، فإن لم يكن هناك من يدفع فلن يكون هناك من يتسول!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب