Wednesday 23/04/2014 Issue 15182 الاربعاء 23 جمادى الآخرة 1435 العدد
23-04-2014

المرأة في الخطاب السعودي

1- صراع الأيديولوجيات في كل زمان ومكان يتمحور حول المرأة.. فهي التي تضمن الاستدامة، وهي المؤثر الرئيسي في عملية التحولات الإنسانية الكبرى.. ولا ينافسها كما الرجل في ذلك التأثير سوى الظواهر الطبيعية الخارقة كاكتشاف النفط، والكوارث البيئية كالتصحر، أو القرارات السياسية المسببة للحروب.. إنها بتلك الأهمية والخطورة.

2- للمرأة مركزية مُطْلَقة في الخطاب السعودي بين صحوي منغلق وليبرالي منفتح.. كلاهما موضوعه الرئيسي هو المرأة، وكلاهما يستنكر: لماذا الطرف الآخر يلح على موضوع المرأة؟.. أحدهما يتهم الآخر بالانغلاق، والآخر يتهمه بالالتحاق بالغرب واتباع تعاليمه حذو القذة بالقذة.

3- المتشددون يتهمون الليبراليين بأن خطابهم قائم على المرأة، فهو يبدأ بها، وينتهي بها، مروراً بها.. وأن المرأة في كل المجتمعات الليبرالية أصبحت سلعة تم انتزاعها من عائلتها وإخراجها من بيتها وجعلها شيئاً مباحاً لكل ناظر ولامس وناهش.. ولم يضع الليبراليون أي اعتبار للفروقات الجسدية والعضلية بين الرجل والمرأة رغم أنه شيء ظاهر في تباينه واختلاف مصادر قوته أو ضعفه، وهي بذلك كائن مختلف.. وأن التعاليم الإسلامية تعاملت مع هذه الفروقات بما يحفظ كيان الأسرة، فالإسلام لم يساوِ بين الرجل والمرأة بل عدل بينهما.

4- الليبراليون يتهمون المتشددين بأنهم يقللون من عقل المرأة وقوة جسدها، لكنهم يبالغون كثيراً في فتنتها وإغوائها.. وكيف أنها وحدها تقود إلى مستنقعات الفساد المجتمعي والانحلال الأخلاقي وتفكك الأسرة.. بينما يرى الليبراليون الذين يطالبون بالمساواة للمرأة مع الرجل.. ويقللون من أهمية ضعفها جسدياً، ولا يقرون بضعفها عقلياً، ولا يعترفون بحصر خطورة الفتنة بالمرأة.. أن الرجل يرى في المرأة نفس ما تراه المرأة في الرجل.. فهي غريزة متبادلة، وضعها الله في خلقه لعمارة الأرض لا للتضييق على المرأة.

5- هذا الجدل الذي يصل في بعض سياقاته إلى جدال بيزنطي حَوَّل موضوع المرأة إلى فوبيا تصيب أكثر الرجال والنساء بالذعر.. مع أن الجميع يؤمن أن التطور الموضوعي لأي مجتمع يجب أن يمر بمراحل عديدة حتى يصل إلى مرحلته النهائية، وهي المساواة.. إذ يجب أن تنهار قبله مسلَّمات كثيرة قبل الوصول إليه وتخطيه.. فقد تجاوز المجتمع السعودي إشكاليات تعليم البنات، وها نحن اليوم أمام منح المرأة حق الترشح والانتخاب في المجالس البلدية، وسوف يليه انهيار الممانعة ضد الفنون من مسرح وسينما.. ثم يتلوها السماح للمرأة بقيادة السيارة.. وسيعود المجتمع إلى علاقاته الطبيعية بين الرجل والمرأة بعد مرحلة استثنائية تشكلت في ظروف غير طبيعية عزلت المرأة عن المجتمع والتنمية في بعض مجالاتها.

مقالات أخرى للكاتب