Saturday 26/04/2014 Issue 15185 السبت 26 جمادى الآخرة 1435 العدد

مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية .. تعزز تواجد المملكة في مصاف الدول التعدينية

الريادة النفطية السعودية .. جدارة واستحقاق للمرتبة الأولى عالميا

الجزيرة - وحدة التقارير والأبحاث الاقتصادية:

حتى الآن لا تزال الصورة الحقيقية لواقع المملكة النفطي غير موضح بما تستحقه المملكة من ريادة واستحقاق عالمي.. فالمملكة ينبغي إبراز هويتها النفطية كمحور قوة اقتصادية، ولكن لسوء الحظ اختلاط الحديث حول التنويع الاقتصادي عزى بالكثيرين من الهروب من هذه الحقيقة والريادة الاقتصادية، والعالمية للمملكة في إنتاج وتصدير النفط الخام وأيضا في إنتاج وتصدير المنتجات النفطية.. فالمملكة تصل نسبة المنتجات المعدنية (النفط والغاز) فيها من إجمالي صادراتها إلى نحو 86.0 في المائة.. ولما نعلم أن حجم هذه الصادرات السعودية وصل في عام 2012م إلى نحو 1457 مليار ريال، يتضح مدى ضخامة الحديث عن نسبة 87 في المائة صادرات من النفط والغاز.. تليها المنتجات الكيماوية واللدائن بنسبة مساهمة في الصادرات بنحو 8.5 في المائة.. أي أن المنتجات النفطية (الخام والمصنعة) تساهم في الصادرات السعودية بنسبة 95.5 في المائة من إجمالي الصادرات، وبقيمة تصل إلى 1350 مليار ريال في عام 2012م.

الجديد بالمملكة هو إطلاق مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية، التي تستهدف تأهيل المملكة لتكون واحدة من كبريات الدول في مجال الصناعات التعدينية.

استحقاقات المملكة في أسواق موارد الطاقة العالمية..

الكل يعلم أن المملكة دولة نفطية، إلا أن القليلين هم الذين يدركون مدى المراتب التي تحتلها المملكة في عرش مصادر الطاقة الرئيسية:

أولا: المملكة تستحوذ على المرتبة الأولى بلا منازع في الاحتياطيات العالمية من النفط الخام بنسبة مشاركة 17.4 في المائة على المستوى العالمي.

ثانيا: تحتل المملكة أيضا المرتبة الأولى من حيث نسبة مشاركتها في الإنتاج النفطي بنسبة تصل إلى 12.7 في المائة.

ثالثا: تحتل المملكة المرتبة السادسة عالميا من حيث مشاركتها في الاحتياطيات العالمية من الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى 4.1 في المائة.

رابعا: تساهم المملكة بنسبة 2.7 في المائة في الإجمالي العالمي من الغاز الطبيعي، وتحتل المرتبة التاسعة.

خامسا: تعتبر المملكة من كبريات الدول المستهلكة للغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى 2.7 في المائة في الإجمالي العالمي، وتحتل المرتبة السابعة عالميا.

سادسا: تحتل المملكة المرتبة العاشرة بنسبة مشاركة 2.5 في المائة في الإجمالي العالمي لإنتاج المنتجات النفطية المكررة.

سابعا: تحتل المملكة المرتبة الثانية من حيث أعلى الدول تصديرا للمنتجات النفطية بنسبة مشاركة بنسبة 10.6 في المائة في الإجمالي العالمي.

ثامنا: تحتل المملكة المرتبة التاسعة من حيث أعلى الدول في طاقات التكرير للنفط بنسبة مشاركة 2.3 في المائة في الإجمالي العالمي.

استحقاقات المملكة في مجالات التصنيع النفطي..

في اعتقادي أن مستقبل التنمية المستدامة للمملكة يسير في اتجاه السعي للحصول على التميز في استخراج وتكرير وتصنيع النفط.. إلا أنه رغم المراتب المتقدمة للمملكة في احتياطيات وإنتاج النفط والغاز، فإن المملكة أصبحت تحتل مرتبة متقدمة في استهلاك النفط والغاز الطبيعي للوفاء باحتياجاتها المحلية، وهذه الاحتياجات تتطلب كفاءة عالية لاستغلالها الاستغلال الأمثل.. أضف على ذلك، فإن استخراج النفط وتصنيعه يعتبر كثيفا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.. لذلك، فإن كفاءة التشغيل والتصنيع لاستغلال النفط والغاز يعتبر تحديا من أهم التحديات التي تواجه التنمية المستدامة لمصادر الطاقة السعودية.

ارتياد المملكة لعمليات التحويل بين النفط والغاز..

بزغت عمليات تحول متعددة مؤخرا، حسب طبيعة المورد المتاح بالدول، فبعض الدول بدأت تحول نفطها لغاز، وأخرى تحول غازها لنفط.. فضلا عن الاتجاه الرئيسي للتحول هو تحويل النفط إلى منتجات نفطية.. فعلى المستوى العالمي تبدو عمليات التحويل سائرة بقوة في اتجاه التحول من المنتجات الهيدروكربونية (النفطية) التي تتسبب في انبعاثات شديدة، إلى منتجات غازية أكثر لطفا مع البيئة.. وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن حجم النفط الخام المحول وصل خلال عام 2010م إلى نحو 156 مليون طن معادل، وهو ما تم تحويله إلى 179 مليون طن معادل من منتجات نفطية.. ولا توجد إحصاءات دقيقة فيما يتعلق بالتحول إلى غاز من عدمه.

الرؤية الإستراتيجية للمدن الاقتصادية.. صناعات الطاقة

من أهم القرارات الاقتصادية التي صُنعت خلال السنوات الأخيرة هي ارتكاز رؤية المدن الاقتصادية الجديدة على التميز النسبي للمملكة في موارد النفط والخام.. وفي اعتقادي أن هذا التوجه يمثل استعادة للنهج الاقتصادي الصحيح، فبعد فترة من السعي على التركيز على التصنيع في مجالات لا تمتلك فيها المملكة ميزة نسبية أو تنافسية.. فحتى من يثيرون قضية المورد النفطي الأوحد يثيرونها بطريقة خاطئة، من حيث أن الخروج عن نطاق الوقود الأحفوري كمورد وحيد لا يعني أن تبحث المملكة عن مجالات تصنيعية لا تمتلك فيها قدرات تنافسية، فالطريق الأمثل لبناء القدرات التصنيعية هو الانطلاق من مجالات تمتلك فيها المملكة قدرات تنافسية عالية، وهذه القدرات لا تتأتى إلا من خلال امتلاك مزايا نسبية فيها.. والمملكة تعتبر المنتج والحاضن الأعلى والأول لموارد النفط والغاز الطبيعي.. لذلك، فإن قيام المدن الاقتصادية على صناعات الطاقة يعد من الأهمية بمكان لإنجاح النطاق التصنيعي للمملكة.

عمليات التحول ما بين موارد النفط والغاز..

بزغت عمليات تحول متعددة مؤخرا، حسب طبيعة المورد المتاح بالدول، فبعض الدول بدأت تحول نفطها لغاز، وأخرى تحول غازها لنفط.. فضلا عن الاتجاه الرئيسي للتحول هو تحويل النفط إلى منتجات نفطية.. فعلى المستوى العالمي تبدو عمليات التحويل سائرة بقوة في اتجاه التحول من المنتجات الهيدروكربونية (النفطية) التي تتسبب في انبعاثات شديدة، إلى منتجات غازية أكثر لطفا مع البيئة.. وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن حجم النفط الخام المحول وصل خلال عام 2010م إلى نحو 156 مليون طن معادل، وهو ما تم تحويله إلى 179 مليون طن معادل من منتجات نفطية.. ولا توجد إحصاءات دقيقة فيما يتعلق بالتحول إلى غاز من عدمه.

ارتفاع الطلب على الغاز للاحتياجات المحلية بالمملكة..

يسجل الغاز ارتفاعا في الطلب العالمي، كما أنه باستمرار هناك ارتفاع في الطلب المحلي عليه لأغراض النقل والتصنيع والمنزلي وتوليد الكهرباء.. وتشير التوقعات إلى أن الطلب على الغاز الطبيعي لأغراض توليد الكهرباء سيرتفع كثيرا خلال العشرون عاما المقبلة، لأن الغاز يعتبر أقل انبعاثا لثاني أكسيد الكربون.. لذلك، فإن خيار تحويل النفط إلى غاز هو خيار إستراتيجي قد يزيد من كفاءة استغلال الموارد النفطية بالمملكة، وذلك لسببين:

الأول: المساعدة في توليد الطاقة الكهربائية لمواجهة الاحتياجات المتزايدة في عدد السكان التي تشهدها والمشروعات العملاقة من أجل النهوض بالبنى الاقتصادية والتنموية.

الثاني: أنه خيار بيئي مقبول لتقليص حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومن ثم تحسين البيئة المحلية.

ماذا تحتاج المملكة للاستحواذ على المرتبة الأولى عالميا في التصنيع النفطي..

شيء واحد وهام هو لملمة المجهودات الكبيرة والهائلة التي تبذلها الجهات الرسمية وغير الرسمية العديدة في استهدافها للتصنيع في مجالات لا تمتلك فيها المملكة تميزا نسبيا.. وهنا أعود للحديث عن التميز النسبي، الذي هو الأهم وهو المولد للقدرات التنافسية.. اليوم تعج البيئة العالمية بمنتجات صناعية لدول تمتلك الخبرات والكفاءات في التصنيع، ويصعب منافستها فيها، فلماذا نتطرق إلى الصعب، ولدينا مجال تميز نسبي وتنافسي، وهو مجالات الطاقة.. البعض يتحدث عن التلوث والانبعاثات، ولكن التحول إلى التركيز على الغاز يعتبر أحد الحلول لتقليص هذه الانبعاثات.. لذلك، فإن الأصوب هو بناء هوية تصنيع نفطي للمملكة.. وتجهيز وتهيئة البيئة لانطلاقات قوية للمستثمرين المحليين والأجانب في هذا المجال، فأسعار الغاز والنفط لا تزال أرخص كثيرا عنها بالدول الأخرى، ويستطيع أي مُصنع سعودي أن يستفيد من هذه الميزة الهامة في دعم قدراته على اختراق الأسواق الخارجية.. ويمكن على سبيل المثال أن يتم توجيه القروض والتسهيلات الحكومية والدعم اللوجستي من الحكومة ناحية التصنيع النفطي.

مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية

فقد أجرت وزارة البترول والثروة المعدنية وشركة معادن لفترة طويلة دراسات جدوى تفصيلية لإنشاء مدينة تعدينية متكاملة، في منطقة شمال شرق مدينة طريف في منطقة الحدود الشمالية، تتوفر فيها مقومات الصناعة والتنمية المستدامة كافة لتوفير الفرص الوظيفية للشباب وتطوير المناطق النائية، ولتكون نموذجا رديفا لمدينة رأس الخير للصناعات التعدينية وقبلها في مدن الجبيل وينبع ورابغ الصناعية.

ومن المتوقع أن تصل حجم الاستثمارات المبدئية المتوقعة في المشروع حوالي 26 مليار ريال منها نحو 21 مليار ريال في مدينة وعد الشمال في مشروع شركة معادن للصناعات الفوسفاتية، فيما ستنفق الحكومة في هذه المدينة مبلغ 4.5 مليار ريال إضافية للمشروع لإقامة البنية التحتية والسكنية والخدمات وكذلك الربط الكهربائي وسكة الحديد لمدينة وعد الشمال، إضافة إلى ثلاثة أرصفة بحرية، موضحا أن هذا المشروع سيضيف نحو 15 مليار ريال سنويا إلى الناتج المحلي.

وتشير التصريحات الرسمية إلى أن مشروع الصناعات الفوسفاتية سيشكل المحور الرئيسي لإنشاء مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية التي خصصت لها الدولة أرضا بمساحة 440 كيلومترا مربعا، موضحا أن وجود خام الفوسفات جنبا إلى جنب مع حقول الغاز المتوافرة في منطقة حزم الجلاميد ومناطق أخرى مجاورة تجري فيها عمليات تنقيب حثيثة، مما يعزز قيام مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية والمشروعات المصاحبة.

وتستهدف وعد الشمال تعظيم القيمة المضافة من الموارد الطبيعية ومنها موارد الفوسفات المتوافرة في منطقة الحدود الشمالية، وأن تلك الموارد مع وجود الغاز المتوافر إلى جانب وجود شبكة سكة الحديد تؤهل منطقة الحدود الشمالية لأن تكون مركزا عالميا للصناعات الفوسفاتية يوفر قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وذلك كما تشير التصريحات الرسمية الصادرة بهذا الشأن.

وهذا ويشير أحد التصريحات إلى أن حجم الاستثمارات بوعد الشمال سيصل إلى ما يناهز 36 مليار ريال، وسيصدر عنها وظائف جديدة للسعوديين بنحو 22 ألف وظيفة، وهو ما سيجعله أحد أقطاب التنمية الرئيسية بالمملكة خلال السنوات القليلة المقبلة.