Sunday 27/04/2014 Issue 15186 الأحد 27 جمادى الآخرة 1435 العدد
27-04-2014

لندن.. وتصدير الكراهية

ظل الغرب، وتحديداً العاصمة الأبرز لندن، ملاذاً آمناً للإرهابيين والإسلاميين المتطرفين. ومستفيدين من الأنظمة الراقية المتوفرة التي ترعي حقوق الانسان وتحفظ بعض كرامته، انتقل إلى لندن عدد كبير من الإسلاميين المطلوبين في ديارهم، وعدد لا يستهان به من مغذي فكر الإرهاب والتطرف والكراهية، استغلوا حرية التعبير التي يتيحها الغرب، ويكفر بها كل الإسلاميين بتياراتهم الفكرية والمذهبية.

وليس غريباً أن تجد المراكز الإسلامية -مثلاً- الأكثر تطرفا بين الشيعة والسنة موجودة في لندن أو بريطانيا بشكل عام، وليس غريبا أيضاً أن تبث أكثر القنوات إثارة للنعرات الطائفية والخطاب الإقصائي الديني والمذهبي انطلاقاً من الغرب، وعبر أقمار صناعية غربية، ومرة أخرى من لندن ذاتها كما عرض الوثائقي «أثير الكراهية» من قناة بي بي سي البريطانية!

إلى وقت قريب كنا نعتقد أننا امام خلطة استخباراتية بريطانية تجمع المتناقضات وأوراق الضغط على الدول العربية والإسلامية مستفيدة من المتطرفين والمعارضين الداعين للعنف لتحقيق مكاسب هنا وهناك.

لكن الوضع اليوم يظهر أكثر تعقيداً وسط خليط ومزيج من الاستغلال المشترك، الاستغلال لهذه التجمعات المعارضة الشرسة قومية أو إسلاموية في الغالب، ثم ما يتوفر من أنظمة وقوانين يستطيع معها محام بارع أن يمنح أي نشاط متطرف غطاءاً خيريا يسمح له بجمع الأموال وتصريفها، ولتمويل نشاطات تتجاوز القارة الأوروبية.

أوروبا التي تحارب الإرهاب كما تقول-، تسمح للإرهاب والتطرف أن يبث سمه وفعالياته من أراضيها باتجاه دولنا.

لكن يبدو أن خطاب الكراهية لم يعد فقط عابرا للقارات من لندن إلى القاهرة وعمان والرياض، لكنه أصبح له نتائجه ومريدوه في الدول التي سهلت أو اتاحت له حرية التنقل والتمويل والحركة والتجييش والتجنيد.

الغرب - الكافر- المتسامح - دار الحرب، بدأ يكشف حقيقة تلاعب الإسلاميين، أو بدأ يجد أن الكذبة القديمة قد تغيرت تماماًَ، وأن هذه الثعابين الإرهابية لا أمان لها وسترتد هذه السموم المحملة بالكراهية لديارهم وتهدد أمنهم.

في خطاب ملفت أعلن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير أن التطورات في الشرق الأوسط أصبحت «أكبر تهديد للأمن العالمي»، مشدداً على ضرورة انتباه الدول الغربية لما يدور فيها، خصوصاً من ناحية التشدد الديني والصراع مع «الراديكاليين» و»الإسلام السياسي».

وقال إن «جذور الأزمة» في الشرق الأوسط «نظرة متطرفة ومسيسة للإسلام، آيديولوجية تشوه وتحور رسالة الإسلام الحقيقية، والتهديد من هذا التفكير الراديكالي للإسلام لا يتراجع، بل ينمو وينتشر حول العالم، وهو يزعزع المجتمعات بل الدول».

وأشار بلير في خطابه إلى (الإخوان المسلمين) وغيرها من منظمات تزداد فاعلية وتعمل من دون الكثير من التحقيق في عملها أو التضييق عليها». وانتقد «الرغبة العميقة لفصل الآيديولوجية السياسية التي تمثلها مجموعات مثل الإخوان المسلمين عن أفعال متطرفين بما فيها أعمال إرهاب». وحذر من تجاهل «أن الآيديولوجية نفسها خطرة ومخربة «.

خطاب بلير جاء في الوقت الذي أعلنت فيه فرنسا إجراءات جديدة لمعاقبة من يلتحق بمجموعات مسلحة متشددة في سوريا وسط تزايد مخاوف أوروبا من تداعيات الحالة السورية على مكافحة الإرهاب. والرئيس الفرنسي قال إنه سيحذو حذو السعودية في منع المقاتلين من التوجه إلى سوريا. هولندا قالت إن «أكثر من 100 شخص سافروا إلى سوريا من هولندا للمشاركة في أنشطة جهادية»، مخاوف السلطات الهولندية من سفر مواطنيها للقتال تحت مسمى «الجهاد» في الخارج قادها إلى اتخاذ إجراءات صارمة للحد من خطر المتطرفين.

فهل اقترب الغرب من إدراك غلطته التاريخية في احتضان الشخصيات والمنظمات الراديكالية الإسلامية والإقصائية المذهبية، وأحزاب الاسلام السياسي الكاذبة، عبر استغلال أراضيه وقوانينه لبث الكراهية ضد البشرية؟!

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب