Sunday 27/04/2014 Issue 15186 الأحد 27 جمادى الآخرة 1435 العدد
27-04-2014

رؤية الواقع وبناء المستقبل 1-2

في مسيرة الوطن نحتفي في هذه الأيام بالذكرى التاسعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين، وبهذه المناسبة يستنفر الإعلام المحلي وغير المحلي, الرسمي وغير الرسمي لتناول الحدث وتغطيته عبر كل الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية. لا أتوقع تغطية استثنائية تأتي بتناول جديد.. فالأسئلة المطروحة عن المنجزات والتحديات هي نفس القائمة المعتادة. والإجابات موجودة في إرشيف المطبوعات وفي تقارير الجهات الرسمية. وسيكون بها طبعاً الكثير مما يستحق الابتهاج والاحتفاء والشكر والتقدير أو التأمل برغبة تفادي المطبات التخطيطية مستقبلاً.. وظل كل هذا متوقعاً. وربما يتطرق البعض, ولو بطرق موارب إلى بعض التساؤلات, حول مدى نجاح مشروعات أعلنت وتلكأ تحقيقها, ومشروعات أعلنت ولم تكن إلا طموحاً لم يحقق الوصول إلى التجسد, ومشروعات أوحت التقارير بأنها تحققت ولكنها لم تخرج إلى أرض الواقع، وبلا شك سيتناول المناسبة أيضاً الإعلام الجديد بوسائل التواصل الاجتماعي، وعبره سنتابع مشاعر الأفراد, الواضحي المعالم منهم, والمتلثمين وراء اسم قناعي منتقى أو صورة رمزية يتخيل الفرد أنها تمثل ما يظن أنه هو في عين نفسه, آملاً أن تنقله إلى المتابعين، وسنقرأ أطروحات وانطباعات ومحاولات تقييم ناجحة أو متحيزة تضخم أو تهمش المنجزات، سيتناقش الوطنيون والأنانيون والفئويون والمؤدلجون. وقد يتجادلون جدالا عقيما حول قيمة ما تحقق خلال التسع سنوات، أو حتى قيمة موقعنا من تاريخنا الحديث القريب ومستقبلنا الغامض, وتاريخنا المصفر الصفحات, وحاضرنا المتأزم بكل مطالبات الملايين من المواطنين والحالمين ولو بطرطوشة من فائض خير هذه الأرض. طبع الإنسان أن يرى نفسه محور وجوده مهما اتسع الإطار واحتوى غيره ملايين الآخرين, لهم احتياجات وطموحات خاصة بهم قد لا تتطابق مع احتياجاته. كل عام منذ دخلت عالم الكتابة ومسؤوليتها يأتيني السائلون من شتى المطبوعات والإذاعات طالبين مشاركة حية. هذا العام الذي سبقه، من موقعي الخاص كعضو في مجلس الشورى أحظى بفرصة رؤية بانورامية وبالتفصيل لما ينجز في هذا الوطن من مشروعات كل جهة ترفع تقريراً سنوياً بما فعلت وما أنجزت أو لم تنجز. ومن موقعي الفردي, قبل الشورى, وقبل البيعة الأولى، حظيت بفرصة استثنائية في التعرف على صاحب البيعة وملامسة أحلامه وطموحاته للوطن وللمرأة بالذات. رجل عربي استثنائي جمع أصالة الماضي, ورؤية واضحة لمصادر وروافد القوة فه, وتحديات الواقع في الحاضر, وضروريات التوجه لبناء التنمية المستدامة في المستقبل. رجل يحترم المواطن وطموحاته ويرغب في أن يحققاها معاً. رجل يحترم المرأة وكل قدراتها ويعاملها بما تستحق من إتاحة الفرص وفتح بوابات المشاركة في البناء. تميزه رغبة فروسية في تدجين الصعاب وإزالة العقبات وإسعاد الجميع وإرضاء ربه. قابلته في مجلسه الخاص قبل اثني عشر عاماً بدعوة رسمية, ضمن مجموعة مميزة من سيدات الوطن العاملات في شتى القطاعات. كان يريد أن يسمع عن أوضاع المرأة مباشرة منها وليس عبر مفسرين أو مسؤولين عنها يرسمون له أحوالها كما تشاء لهم مصالحهم أن يرى. ولعل فكرة الزيارة كانت مشورة من مخلص واستجاب لها. ولم يكن لقاؤه بنا حدثاً للأضواء الإعلامية عنه أو عنا, أو لرسم إطار مضيء حول «الشخص المسؤول». كانت زيارة واضحة الهدف، أن يطلع على الحقائق ليتخذ القرارات الصحيحة في إطار ها الزمني والمجتمعي. ولا يزال صوته الأبوي صدًى مضيئاً في وجداني: «وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر».

خلال السنوات الأخيرة تحققت إيجابيات كثيرة, ما يدعو للتفاؤل بالمزيد على جبهات كثيرة. لعل أهمها من وجهة نظري ما تحقق في مسيرة تمكين المرأة وما سيتحقق على جبهات تطوير القضاء وتطوير خدمات التعليم والصحة وتأهيل الشباب. مؤخراً سألتني وزيرة أوروبية زائرة: كيف تقيِّمين إستراتيجية قيادتكم في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الوطن, خاصة وأنت في قلب الحدث بتعيينك ضمن أول عضوية نسائية في مجلس الشورى؟ قلت: لو كان لي أن ألخص وأختصر لقلت هو رجل حكيم, وله رؤية مستقبلية, ونحن بهذا محظوظون.. حيث إذا افتقر قائد أي مؤسسة رؤية مستقبلية تبنى عليها إستراتيجيته وقراراته, فإن تلك المؤسسة محسوم أمرها بأنها لن تتطور.. هذا إذا لم تتدهور! كل عام وأنت بخير يا قائد المسيرة.

مقالات أخرى للكاتب