Tuesday 29/04/2014 Issue 15188 الثلاثاء 29 جمادى الآخرة 1435 العدد
29-04-2014

أمراض العقلية السعودية المزمنة «فيروس كورونا نموذجاً»

أعتقد أن العقلية السعودية في غالبيتها دون التعميم تعاني من أمراض مستعصية ومزمنة مثلها في ذلك مثل غيرها من عقول بني آدم شرق الأرض وغربها شمالها وجنوبها إلا أنها تختلف عن غيرها كماً وكيفاً وتتباين قدراً ومقداراً، وتظهر أعراض هذه الأمراض وتبين بوضوح حين تكون الأزمات وعندما تحل الفتن والملمات - لا سمح الله- ، سواء أكانت هذه الأزمات التي تمر بنا صحية أو اقتصادية أو سياسية أو دينية وفكرية أو اجتماعية أو نفسية، ولعل أخطر هذه الأدواء التي يعاني منهما العقل السعودي في نظري:

) التطفيف، ويعني هذا المصطلح عدم القدرة على التشخيص الدقيق واتخاذ الموقف الصحيح من الظاهرة محل الحديث منذ البداية، فنحن بين مبالغ مرجف حتى يظن السامع حين يتحدث هذا النوع من الرجال أن لا حل ولا علاج وإنما علينا الاستسلام والتسليم حتى نلقى الله شهداء، وبين متساهل الأمر متهاون فيه فهو في نظره أمر بسيط لا يستحق هذا الضجيج، والواجب ألاّ يُكترث به ويلتفت إليه، وتبقى الشريحة العريضة المستقبلة لما يُفكر فيه ويُتحدث عنه حائرةً بين هذا وذاك، وتظل كفتا الميزان تتأرجحان بين الغالي والجافي ولا وسطية في النظرة التي بها يكون الاستعداد ومن ثم المواجهة دون خوف ووجل أو تراجع وهرب.

) التعالم.. فالكل يتحدث مشخصاً الداء ومحلّلاً وواصفاً العلاج ومعلناً نفسه من يقود ركب المخلصين المنقذين من هذه الأزمة أو تلك الفتنة، والتعالم ليس حكراً على باب الدين، بل إنه امتد ليشمل كل نواحي الحياة، وقد يلحظ القارئ الكريم أنه في الآونة الأخير وعلى غير العادة وصل إلى ميدان الصحة، فصرنا نسمع من يصف الدواء لفيروس «كورونا المسبب لمتلازمة الجهاز التنفسي الشرق أوسطيMES-COV مع أن الطب أعلن حاجته الماسة لمن يكتشف لقاحاً لهذا المرض.

ومن باب التعالم الإبحار في ذكر أسباب ميلاد هذا الفيروس حتى وصل الحال بالبعض إلى إدخال السياسية الإيرانية في مدوّنة المتهمين بزرع هذا الداء ونشره في بلادنا بطريقة سرية خبيثة.

) التلقي باللسان، وهذا السلوك عابه الله عزَّ وجلَّ على أولئك الذين تحدثوا بالإفك كما هو معروف، إذ يقول سبحانه وتعالى في سورة النور: (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم).

إن هناك من يسابق غيره في النشر والإرسال أو التحدث والإعلان عن كل ما يصله من معلومات دون تمحيصها أو التدقيق بها والتفكر فيها، وربما يكون في الأصل ينوي الخير ويريد السلامة وينشدها له وللغير ممن يحيطون به ولكن قد يضر ويسبب الأذى من حيث لا يدري (وكفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع).

إن المعلومة يجب أن تدخل من الأذن وتمر بالعقل فيفكر فيها المتلقي قبل أن يذيعها خاصة في هذا الزمن الذي سهلت وسائل التواصل الاجتماعي أمر النقل والنشر ويسرت سبله.

شخصياً أعتقد أننا في أزمة صحية جراء تعرض بلادنا حماها الله لفيروس كورونا، وهذا الثلاثي الذي يشل التفكير ويعيق التدبر لدى العقل السعودي بحاجة إلى تصحيح حتى يتسنى لنا نحن المواطنين ملتزمي الصمت في هذا الموضوع الطبي البحت - كورونا - السماع جيداً لما يقوله المعنيون أهل الاختصاص، في الوقت ذاته من الواجب على من أسند لهم الأمر من قبل صاحب الصلاحية التحدث بكل شفافية ووضوح، دون تطفيف أو تهويل، وإعطاء المواطن عن طريق متحدث رسمي مسئول ويعرف أهمية وخطورة ما يقول وقريب من المواطنين في جميع مناطق المملكة النصائح الطبية اللازمة التي تقيهم بإذن الله الإصابة بهذا الداء ويطلعهم على الجديد في هذا الباب الخطير، حفظ الله البلاد والعباد، وشفى المرضى والمصابين، وأعان الأطباء والممرضين والمسئولين، ووقانا وإياكم شر من به شر. وتقبلوا صادق الود والسلام.

مقالات أخرى للكاتب