Tuesday 29/04/2014 Issue 15188 الثلاثاء 29 جمادى الآخرة 1435 العدد
29-04-2014

الحقيقة المسكوت عنها!

أقدم سعودي في العقد الثالث من عمره على الانتحار شنقاً في منزله بمنطقة الجوف الأحد الماضي،ولا تزال التحقيقات جارية لكشف ملابسات الحادث..

ويعد ذلك ثاني حالة انتحار شنقاً في أقل من أسبوع تم رصدها أو الإعلان عنها، بعد حادثة الخميس الماضي، وانتحار شاب عشريني في محافظة رنية، عثر عليه متدلياً من سقف الغرفة.

وقبلها بوقت قصير أنهت الجهات الأمنية بمنطقة تبوك محاولة سعودي إشعال أسطوانة الغاز في منزله ، بعد محاولات لإثنائه عن تفجير سكنه.

ثم أنقذت سيدة بنفس المدينة من محاولتها الانتحار بعد أن خرجت من نوافذ إحدى غرف الدور الثاني.

وفي الشرقية حاولت امرأة في نفس الأسبوع الانتحار غرقاً بعدما حاولت السباحة في منطقة ممنوعة على كورنيش الدمام. بعد أن قدمت إلى الكورنيش بواسطة سيارة أجرة، ومن ثم وقفت على الصخور المتواجدة على الشاطئ وخلعت عباءتها ورمت بنفسها إلى البحر.

وقبلها انتحر شاب سعودي يبلغ من العمر 25 عاماً ويسكن في جازان بإطلاق رصاصة على رأسه.

والأخبار التي يمكن يرصدها كثيرة، وسبق أن خصصت إحدى الصحف السعودية على موقعها الالكتروني صفحة باسم «حوادث الانتحار في المملكة»، وهي حوادث عموما ليست مقصورة على السعوديين، لكن دائما ما تطالعنا أخبار لانتحار أو محاولات انتحار للعمالة المنزلية أو لأجانب مقيمين في البلاد..الخ.،.

ومثل أشياء كثيرة في واقعنا الاجتماعي، من الواضح أن ظاهرة الانتحار في السعودية لا تبحث بدقة في ظل تضارب الأعداد الدقيقة،التي توضح حجم المشكلة وتقدم للأسباب بشكل موضوعي وإن كانت الأمراض النفسية، وضغوط الحياة الشديدة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مقدمة الأسباب، فإن ضعف الوازع الديني من ضمن الأسباب أيضا وليس كلها..!

دوليا وللأسف، أصبح الانتحار مؤخرا الملاذ الأول بالنسبة للملايين. فقد ذكرت الدكتورة روكسان درايدن إدواردز، الرئيس السابق للجنة العجز التنموي للجمعية الأمريكية للطب النفسي، أنّ عدد حالات الانتحار السنوية وصل إلى ما يقارب المليون حول العالم، ونوّهت إلى أنّ محاولات الانتحار التي تبوء بالفشل سنويا تتراوح ما بين 10 و20 مليون. وذكرت الإحصائيات أنّ حالات الانتحار في أمريكا وحدها تصل إلى ما يقارب 30 ألفا. هذا وقد ازدادت حالات ومحاولات الانتحار في السعودية خلال الفترة ما بين 1994 و 2006 بما نسبته 185% وفقا لتقارير صحافية.

هذه الصورة الجديدة للأسف يجب أن لا يسارع لحجبها أو إنكارها، لكن الاعتراف بحقيقة وجودها وتضاعف أرقامها، وبالتالي البدء في رسم حلول دقيقة تتجاوز العموميات، أو الخطاب التقليدي بما فيه الديني الذي ليس مؤثرا دائما بالضرورة في ظل تداخل وتعقيد عوامل الانتحار وأسبابه.

هذا أمر يتطلب تشكيل لجنة وطنية أو هيئة أو مركز متخصص لدراسة هذه الظاهرة التي تجعل من الانتحار أحد الحلول أو الأفكار التي تصل باليأس إلى إنهاء الحياة.

وطبقا لعلم النفس .. فإن غالبية البشر مهما كان وضعهم النفسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو حتى الديني قد فكروا بالانتحار، كفكرة طارئة في لحظة ما، لكن الفرق أن هناك من يرفض الاستسلام لهذه الفكرة، ويحاربها ويطردها خارج محيطه للأبد، وهناك من يضعف ويحتضنها ويبقيها ولو هامشية، دون أن يدرك أنه ينميها لتكبر وتقضي على حياته!

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب