Saturday 10/05/2014 Issue 15199 السبت 11 رجب 1435 العدد
10-05-2014

مرتزقة كورونا !

هناك أشخاص لديهم قدرة هائلة على الاصطياد في مصائب ومآسي الآخرين، والمتاجرة بها بأشكال عدة، فكما نشاهد من وقائع الوقت الحالي كثرة أعداد المرتزقة في قضية الشعب السوري، والمتاجرة بالدماء والتبرعات والمجاهدين وحتى الفتيات، فبرزت أسماء وعُرف أشخاص لم يكن لهم ذكر، واشتهر نشطاء ومجاهدون منهم من يعمل لأجل القضية ومنه من يتسلّق على أكتافها. ويحقق المرتزقة أهدافهم كلما لعبت أكثر على مشاعر الناس ولامست تعاطفهم. فنجد حتى على تطبيق تويتر من يستغل ويتاجر بالمرضى والأطفال لينال أكبر قدر من إعادة نشر التغريدة وتحقيق عدد أكبر من المتابعين.

تُفتح أبواب الاسترزاق على المصائب، مع كل حدث سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو صحي، ونحن الآن نشاهد أبطال الارتزاق من على أكتاف وباء كورونا، الذي فتح أسواقًا جديدة يقتات من خلالها أبطال جدد في استغلال واضح لهذا الوباء المخيف والذي ساهم في ظهور مرتزقة من ورائه عدم وضوح وزارة الصحة مع الناس، وتضارب الأقوال والمعلومات التي ظهرت في أغلب الأحوال عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت ورسائل الواتس أب، التي ساهمت في التشويش على أذهان جميع الناس بكل فئاتهم ودرجاتهم الفكرية والعلمية، ولن ألوم هنا هذه الجماهير التي تبث المعلومات الصحيحة وغير الصحيحة، إنما اللوم على وزارة الصحة في عدم إيضاح المعلومة بواقعية واكتفت بالتنبيه وطرق الوقاية!

في قضية وباء كورونا أتابع ما يظهر عبر وسائل الإعلام وكأنني أشاهد مسرحًا يعيد نفسه بتغيير الأبطال والديكورات، فتلك صحيفة تنشر على لسان رجل يُقال إنه داعية وأن لديه علاجاً من الأعشاب الطبيعية لمرض كورونا، وكلنا يعلم مدى عدم صحة هذه الأدوية والتي حذّر منها الأطباء كثيرًا وراح ضحيتها مئات الناس، مع ذلك، يظل هؤلاء يتابعون مستجدات المصائب لترويج بضائعهم، والمؤلم أن يتم الترويج عبر صحف ووسائل إعلامية «تنويرية» ينبغي عليها تحري الدقة حتى لا ينجرف الناس خلف هؤلاء ومنحهم شهرة لا يستحقوها. وما دام هناك صحف تنشر مثل هذه المواضيع فكان لزامًا أن يقترن الخبر برأي طبي يؤكد على صحة هذا العلاج أو ينفيه. لأنّ نشره بهذه الطريقة هو دعاية مجانية لأبطال الاسترزاق من المصائب، كذلك يُفترض على وزارة الصحة أن تخرج فورًا ببيان حول هذا الادعاء فتؤكده أو تنفيه، لكن ترك الأخبار والدعايات بهذه الطريقة العشوائية هو تسطيح للمجتمع وجره إلى هاوية لا يمكن التنبؤ بعمقها وظلامها!

أيضًا في القضية ذاتها، برزت دكتورة أو الأستاذة البروفيسورة كما تحب أن يناديها الناس، وذكرت عبر حوار تلفزيوني أن لديها علاجاً للمصابين بالمرض ولديها كذلك لقاح للمناعة منه، وبإمكانها تزويد السوق الصحي بهما في غضون أسبوع، لكنها اشترطت أن يتم توجيهها ودعمها إما من الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أو من الأمير مقرن بن عبدالعزيز. أعتقد من حقها أن تطلب الدعم إن كانت مُحقة فيما لديها من قدرات، إلا أن تسميته بهذا الشكل قد يسيء لها، فنحن أمام وباء ومن لديه علم وقدرة لإنقاذ البشر فأخلاقياته وإنسانيته لا تجعله ينتظر «الدعم» من أعلى جهات، ولا يفرض شروطًا سواء كانت مقبولة أو غير مقبولة.

السؤال الذي ألح على ذهني وأنا أتابع فاتن خورشيد، هل قامت بتحليل فايروس كورونا لتمتلك القدرة على العلاج والوقاية؟ فأبسط معلومة لمن هو غير متخصص مثلي، أن اكتشاف أي دواء أو مصل وقائي لا يتم إلا بعد تحليل للفايروس نفسه؟!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب