Sunday 11/05/2014 Issue 15200 الأحد 12 رجب 1435 العدد
11-05-2014

إشكالية الثقافة والأيديولوجيا؟!

لا يعترف الأيديولوجيون على كافة أشكالهم وأصنافهم بالثقافة المتنوعة خارج إطار أيديولوجيتهم الخاصة، سواء كانت هذه الأيديولوجيا وضعية مثل (الماركسية) أو تلك الأيديولوجيات التي ارتكزت على مفاهيم دينية حيث وضعت

الدين في قالب أيديولوجي سياسي معين.

فالأيديولوجيا تقسم البشر دائماً إلى فسطاطين لا ثالث لهما، إما حق وإما باطل، إما خير وإما شر، وتضع نفسها (الأيديولوجيا) في مواجهة الجميع، وترفض أية أفكار أو ثقافات تقوم على أساس التعدد والتنوع الثقافي والمعرفي والمصلحي، فالأيديولوجيا تختزل مفهوم الثقافة بمفاهيمها وعلى قياسها التي تسعى إلى تطبيقها على الواقع وعلى الجميع، وهذا ما يتناقض مع الفطرة الإنسانية، التي فطر الله عليها البشر، كما فطر الطبيعة بكل مكوناتها، وبالتالي يصبح الأيديولوجي أسير القوالب الجامدة التي حشر نفسه فيها ويسعى لحشر الآخرين معه، كما يسعى إلى تحجيم الواقع على قياسها، وبالتالي يسقط السقطة الكبرى في وضع نفسه في مواجهة الغير المتنوع، والواقع المتعدد العنيد الذي يستحيل فرض النموذج الأيديولوجي الخاص عليه وتماثله معه، لقد كان مصير الأيديولوجيات الاصطدام مع الغير المتعدد والمتنوع الثقافات والأهواء والمصالح، على عكس الثقافي الذي اعتمد سنة الله في خلقه والقائمة على اعتماد قاعدة التنوع والتعدد في البشر وفي الطبيعة، والتباين في الظروف والإمكانات وفي الثقافات والحضارات، وتغير الأزمان، وفي المصالح التي تتقاطع أو تتلاقى أو تتعارض، تلك هذه سنن كونية، لا بد من الإحاطة بها، وتقديرها في التعاطي مع الواقع، ومع الغير، والاعتراف بها وبالآخر المختلف، وفق قوانين وضوابط تراعي حرمة الإنسان وحريته وكرامته.

E-mail:pcommety@hotmail.com

عضو المجلس الوطني الفلسطيني - المدير العام لمكاتب اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني بالمملكة - الرياض

مقالات أخرى للكاتب