Thursday 15/05/2014 Issue 15204 الخميس 16 رجب 1435 العدد

سفير المملكة العربية السعودية في روما صالح الغامدي لـ«الجزيرة»:

المدرسة السعودية بروما افتتحت بهدف الحفاظ على القيم العربية والإسلامية لأبناء الجالية العربية والإسلامية

لقاء - سهيلة الطيبي:

في حوار لـ(الجزيرة) مع سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين الأستاذ صالح بن محمد الغامدي لدى إيطاليا، تحدث عن الدور الكبير الذي تقوم به السفارة في خدمة المسلمين، وأبرز في حديثه محاولات التَّميز التي توصف به العلاقة السعوديَّة الإيطالية.

وقال في حديثه كلامًا عن المركز الإسلامي والمسجد الكبير، وأشار إلى المدرسة السعوديَّة بروما وما تقدمه من خدمات للطلاب العرب، وأن افتتاحها تم بهدف الحفاظ على القيم العربيَّة والإسلاميَّة لأبناء الجالية العربيَّة والإسلاميَّة.

وتَضمَّن حديثه إشارات إلى التعاون الثقافي والسياسي والفني بين البلدين، وفيما يلي نص الحديث:

* تُعدُّ إيطاليا محطة متميزة في عملكم الدبلوماسي، كيف تنظرون إلى تجربتكم في هذا البلد؟

- شرَّفني سيدي خادم الحرمين الشريفين بتعييني سفيرًا مقيمًا لبلادنا الغالية لدى إيطاليا وسفيرًا غير مقيم لدى جمهورية مالطا، ولا شكَّ أن لكل مكان في العالم طابعه الخاص والمميز ومن خلال عملي في عدد من دول العالم استطيع أن أقول: إن لروما سحرها الخاص جدًا والمميز جدًا ولا شكَّ أن العمل في روما وفي المجال الدبلوماسي يضيف إلى أيّ سفير المزيد من التجارب والخبرة في العمل الدبلوماسي، وتجربتي في روما منحتني الفرصة للتعرف على أشخاص مميّزين من المسؤولين الإيطاليين وكذلك العمل على تطوير التعاون المثمر القائم بين البلدين الصديقين.

* شهدت العلاقات السعوديَّة الإيطالية تطورات وأنشطة مهمة أثناء توليكم مهام سفارة المملكة في روما، بإيجاز أهم هذه الأنشطة، وهل هناك أنشطة أخرى في الأفق؟

- العلاقات السعوديَّة الإيطاليَّة علاقات صداقة تاريخيَّة راسخة ومن هذا المنظور فقد اقترحت أن نحتفل بمرور 80 عامًا على هذه العلاقات، وقد حصلنا على الموافقة السامية الكريمة على تنظيم احتفال كبير أقيم في روما خلال شهر أكتوبر الماضي ولمدة خمسة أيام متواصلة. وتخلله تنظيم منتدى سياسي وثقافي واقتصادي سعودي إيطالي رفيع المستوى شرَّفه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجيَّة، وكذلك فعاليات للعروض التراثيَّة والفنيَّة والحرفيَّة والتشكيليَّة والرقصات الشعبيَّة. وكان الهدف من هذه الاحتفالية تعريف الشعب الإيطالي على حضارة وثقافة الشعب السعودي، وقد شهدت هذه الاحتفالية والمنتدى المصاحب توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والكثير من الحوارات والنقاشات بين الجانبين السعودي والإيطالي لاستكشاف آفاق مستقبل التعاون على جميع الأصعدة.

* الدبلوماسية السعوديَّة نشيطة وفاعلة في الغرب، أيّ دور لها في الدفاع عن القضايا العربيَّة وقضايا المهاجرين؟

- تقوم الدبلوماسية السعوديَّة على أساس الدفاع عن المصالح والقضايا العربيَّة وعلى رأسها القضية الفلسطينيَّة ونحن لا نفوّت فرصة إلا ونستغلها للتذكير بأهمية حلّ القضية الفلسطينيَّة حلاً عادلاً يراعي الحقوق التاريخيَّة للشعب الفلسطيني ويقوم على أساس الشرعيَّة الدوليَّة وقراراتها ذات الصلة، كما نعمل على إشعار العالم الغربي بمخاطر الإرهاب الذي لا ينتمي لدين أو حضارة وإنما ينطلق من فكر منحرف وخطره على الإنسان والبلدان في أيّ مكان في العالم وقد تكون المملكة من أكثر الدول التي عانت كثيرًا من ويلات الإرهاب ولكن والحمد لله تَمَّ القضاء عليه وتجفيف منابعه الفكريَّة والمادِّية لدينا وأرجو أن يفهم العالم الهدف من دعوة المملكة لإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب.

* تُولي المملكة اهتمامات كبيرة للنشاط الثقافي والديني في الغرب فيما يتمثَّل هذا النشاط في إيطاليا؟

- كما معروف فإنّ المملكة العربيَّة السعوديَّة تقوم برعاية المسلمين في كلِّ مكان من منطلق أن المسلمين إخوة ولهذا فإنَّ المملكة تقدم الدعم والرِّعاية لكل نشاط ثقافي وديني بشرط أن تكون هذه الأنشطة أو الكيانات الإسلاميَّة مرخصة من قبل الدول المضيفة وتتمتع من تلك الدول بحق الحصول على الدعم والمعونة المادِّية من الخارج وتلك هي شروطنا الأساسيَّة لدعم تلك الأنشطة.

* بالرغم من أن الجالية السعوديَّة في إيطاليا محدودة العدد، توجّه الدولة السعوديَّة اهتمامات كبيرة وعناية فائقة للجالية العربيَّة والمسلمة هنا فيما يتجلَّى ذلك؟

- هذا أمرٌ مهمٌ أن نوضح للإخوة العرب والمسلمين في إيطاليا بأن حكومة المملكة العربيَّة السعوديَّة سعت بكلِّ جهد للحصول على حق افتتاح مدرسة الملك عبد العزيز السعوديَّة بروما وهي مدرسة سعودية عربيَّة إسلاميَّة تدرس المنهج السعودي إضافة إلى اللغة الإيطالية واللغة الإنجليزية وسوف تتحوّل إلى نظام البكالوريا الدوليَّة في العام المقبل إن شاء الله وهذا يعني أن خريج هذه المدرسة ستكون له فرصٌ أكبر في الحصول على القبول الجامعي في أغلب جامعات دول العالم.. وجاء إنشاء المدرسة السعوديَّة بروما التي افتتحت عام 2002م بهدف الحفاظ على القيم العربيَّة والإسلاميَّة لأبناء الجالية العربيَّة والإسلاميَّة الذين يودون الالتحاق بها والحمد لله، ففي المدرسة حاليًّا طلاب ينتمون إلى أكثر من عشر جنسيات عربيَّة وهذا يدعو للفخر والاعتزاز.. وأنا حريصٌ أن أحضر حفل ختام الأنشطة المدرسة والعام الدراسي كل سنة لأشارك أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات فرحتهم بالنجاح أو التخرّج.

* من جملة اهتمامتكم كبعثة دبلوماسية، هناك ملف الحج والحجيج من إيطاليا، ما التسهيلات التي يجدها الحاج من إيطاليا وهل من توضيح عن الأعداد؟

- في كلِّ عام يشهد حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الكثير والجديد من وسائل الراحة والتسهيلات ومن هذا المنطلق فقد تَمَّ تسهيل تقديم خدمات الحج والعمرة ابتداءً، فقد وفرت الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين الوقت والجهد من خلال توفير عدد من وكلاء الحج الذين يقومون بالنيابة عن الحاج والمعتمر بجميع الخدمات من حجز تذاكر الطيران والفنادق والمواصلات ومراجعة السفارة واستخراج التأشيرات وهذه المكاتب تتم الموافقة عليها من قبل وزارة الحج في المملكة بعد أن تقدم الضمانات على قدرتها على تنظيم أفواج الحجاج والمعتمرين وحاليًّا يوجد ثلاثة عشر مكتبًا لتقديم خدمات الحج في إيطاليا وستة مكاتب تعمل لتقديم خدمات العمرة على مدى تسعة أشهر في السنة وعدد الحجاج من إيطاليا يصل تقريبًا إلى 2600 حاج سنويًا.

* تولي المملكة العربيَّة السعوديَّة عنايةً خاصة بالجالية المسلمة في إيطاليا فيما يتمثّل ذلك؟

- كما يعلم الجميع فإنّ المملكة العربيَّة السعوديَّة سعت إلى الحصول على موافقة لإقامة أول مركز إسلامي ومسجد في روما منذ منتصف الستينات من القرن الماضي وقد تحقق ذلك خلال زيارة جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله- لإيطاليا عام 1973م وتفضلت بلدية روما بتقديم قطعة أرض بمساحة 30 ألف متر مربع لإنشاء المركز الإسلامي والمسجد الكبير عليها وتحملت المملكة أكثر من 70 في المئة من تكاليف إنشاء هذا الصرح الإسلامي الذي يُعدُّ أكبر مركز إسلامي في أوروبا ومنذ افتتاحه عام 1995م إلى اليوم تقوم حكومة المملكة بتمويله بميزانية سنوية عبر رابطة العالم الإسلامي وكل هذا هو لوجه الله تعالى وخدمة للمسلمين في هذه البلاد العريقة. وكما سبق أن ذكرت لك أن من بين الخدمات التي تقدمها المملكة لأبناء الجالية العربيَّة والإسلاميَّة هي افتتاح مدرسة الملك عبد العزيز بروما للمساهمة في تنشئة أبناء الجالية المسلمة التنشئة العربيَّة الإسلاميَّة من خلال ترسيخ القيم العربيَّة الأصيلة ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف. كما نقوم بتوزيع نسخ من المصحف الشريف بكلِّ اللغات لمن يطلبها من المسلمين وهي من طباعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.

* للمملكة العربيَّة السعوديَّة كراسٍ أكاديمية حول العالم فهل يوجد منها في إيطاليا، لو تقدَّموا لنا توضيحًا بشأن هذا التعاون العلمي والجامعي؟

- للمملكة العربيَّة السعوديَّة كرسي بحثي أكاديمي هو كرسي الملك عبد العزيز للدراسات الإسلاميَّة في جامعة بولونيا وله أكثر من عشر سنوات منذ افتتاحه، كما توجد اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين في مجال التعاون البحثي والأكاديمي بين الجامعات والتبادل الثقافي.

* سمعنا كثيرًا عن دعم المملكة العربيَّة السعوديَّة لطلابها للدراسة في الخارج، هل لديكم جالية طلابية في إيطاليا؟

- توجهت المملكة إلى سياسة الابتعاث الدراسي منذ عشرينيات القرن الماضي ولكن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وضع لها برنامج خاص، فلدينا الآن قرابة 150 ألف طالب وطالبة مبتعثين خارج المملكة للدراسة في أكثر من 30 دولة لنيل الدرجات العلميَّة في التخصصات الطّبية والهندسية والعلميَّة المختلفة التي يحتاجها سوق العمل السعودي وهناك عدد منهم يدرسون في الجامعات الإيطالية المعروفة ونطمح في أن يتضاعف عدد الطلبة المبتعثين حاليًّا في إيطاليا.

* كان الفضل للراحل الملك فيصل كبيرًا في إقامة جامع روما الكبير، هل هناك سعي من السعوديَّة في الوقت الراهن لإحداث معلم ثقافي أو جامعي في إيطاليا شبيه بمركز حوار الأديان الذي أقيم في النمسا؟

- إن إنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان في فيينا جاء بناءً على توحد الرؤى والإرادات بين قادة المملكة وإسبانيا والنمسا الذي حظي بصفة المنظمة الدوليَّة وفيه مُمثِّلون عن كافة الديانات السماوية والثقافات الأخرى وأن إقامة مثل هذا المركز في روما ليس بالأمر الصعب لكن لأن النمسا تقع ضمن المنطقة الأوروبيَّة فلا أرى ما يدعو لإقامة صرح مماثل في روما حيث إن دولة الفاتيكان تحظى فيه بصفة مراقب ولكن ذلك لا يمنع أن تكون هناك مبادرات ثقافية وأكاديمية بين الجامعات ومراكز الأبحاث في البلدين من أجل نشر ثقافة التسامح والحوار وإشاعة السلام بين شعوب الأرض.

* بصفتكم من أعمدة الدبلوماسية العربيَّة في إيطاليا، أيّ رسالة تتوجهون بها إلى الجالية العربيَّة؟

- أودُّ أن أتوجه إلى إخواني أبناء الجالية العربيَّة في إيطاليا وأقول لهم: قدَّموا الشكر لدولكم من خلال احترام تمثيلكم لها بما يعكس الصورة الإيجابيَّة لدولنا ووطننا العربي الكبير وأصالتنا وقيمنا العربيَّة وقدَّموا الشكر للدولة الإيطالية التي استضافتكم بكلِّ ترحاب وود عبر احترام قوانينها وثقافتها.