Friday 16/05/2014 Issue 15205 الجمعة 17 رجب 1435 العدد
16-05-2014

نحن والفضاء الافتراضي

تقول أحلام مستغانمي «لا تصدق المظاهر أبداً في أمور الدين ، فالإيمان كالحب عاطفة سرية نعيشها وحدنا في خلوتنا الدائمة إلى أنفسنا، إنها طمأنينتنا ودرعنا السري، أما الذين يبدو عليهم فائض من الإيمان فهم غالباً ما يكونون قد أفرغوا أنفسهم من الداخل ليعرضوا كل إيمانهم في الواجهة».

لم أقصد في هذا المقال أن أتحدث عن الإخوان المسلمين الذين قد تنطبق هذه المقولة عليهم تماماً ولا حتى عن غيرهم، ولكن تذكّرت هذه العبارة وأنا أسترجع مع نفسي عبر عدة شواهد ومواقف، كل الويلات التي كانت مخلّفات وسائل التواصل الاجتماعي التي أقفلت على ممارسيها الجدران والأبواب والنوافذ، وفرضت عليهم عزلة وسلّمتهم لعالم افتراضي وهمي، وقطعت التواصل الحقيقي بين أفراد المجتمع والأسرة الواحدة، وجعلت أولئك الفارغين يتخذونها وسائل سهلة لعرض ما ليس يملكونه في (الفاترينات) الواجهة، ليبقوا فارغين من كل شيء حتى من جهود ربما كانوا ليستغلوا الوقت في القيام بها، لولا انشغالهم اللحظي بكل شاردة وواردة وكل (like، share (وتغريدة أو تعليق.

لم ننته من قصة الشهادات الوهمية وحاملي الدكتوراه ممن اشتروها بآلاف من الدولارات، حتى خرج لدينا أشخاص لا يحملون حتى شهادة الثانوية العامة ونتفاجأ بهذا أو تلك يحمل دكتوراه فخرية من موقع إلكتروني أو لقب فخري، يكون كمكافأة على جهد لم يسدوه للإنسانية.

بل المئات منهم توِّج شاعراً أو أديباً ينثر بعض العبارات وبعدد ( اللايكات) يستحق الانتساب لعالم الشعر والأدب. حيث لا رقيب ولا ناقد حقيقي، لا يوجد إلاّ شلة من السهرانين أو الذين يشعرون بالخواء، لذلك وجدوا في هذا الفضاء الافتراضي سبيلاً لتحقيق ما عجزوا على أرض الواقع عن تحقيقه.

بعضهم تحوّل إلى كاتب لأنه نشر ما نشر عبر مواقع إلكترونية لا تعرف حتى من يقوم عليها، تذكّرني بفضائيات الشعر الشعبي والفضائيات الدينية، والبعض الآخر وصل متابعو قنواته الإلكترونية لمئات الآلاف بل ربما مليون متابع، وتحضرني هنا « يا أمة ضحكت من جهلها الأمم» على كل هذه الممارسات الخاطئة والاستعمال السلبي للتكنولوجيا، لأننا إن تابعنا استخدام الغرب للأجهزة الذكية لا تتعدّى أوقات فراغهم، حيث يمنع منعاً باتاً الرد على الهاتف أو استعماله أثناء فترة الدوام أو القيادة.

الكاريكاتيرات نشطت في عرض مشاهد متنوعة تظهر سوء الاستخدام لوسائل التواصل، كأطفال مثلاً يقومون بالطهي لأن والدتهم مشغولة بالواتس أب، أو رجل منشغل بمشاحنات على تويتر بينما هو يقود السيارة وووو.

أنا لست ضد التقنية لكن كلي أسف على من يستخدمها بطرق خاطئة وممارسات، قد تجعل منها سلاحاً لتضييع الوقت وتشتيت الأُسر والتغرير بالكثيرين.

من آخر البحر

لإبراهيم حسين العنزي:

وأقنع قلبي بأن يستريح من الحب عاما

وينسى العيون التي قد تبتّل فيها وصاما

وأن يتحرر من كل ذكرى

تراوده يقظة أو مناما

فقال : سأفعل ما شئت لكن

إذا مت بلغ حبيبي السلاما

mysoonabubaker@yahoo.com

Mayabubaker@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب