Sunday 18/05/2014 Issue 15207 الأحد 19 رجب 1435 العدد
18-05-2014

هل الجينات سبب اختلاف الشعوب؟

المجتمع العربي ويغلب عليه التفكير القبلي - حتى ولو لم يتسمَّ باسم قبيلة معروفة - يمتاز بتقديس العلاقات مع الأقربين له، المنتمين للقبيلة، المدينة، الطائفة.. إلخ، وتقل ثقته في الآخر الأبعد عن محيط انتمائه القبلي أو ما يعادله. بينما المجتمع أو الفرد الغربي ليس لديه تلك الحساسية المفرطة في التمسك بالقبيلة، ويسهل تفاعله وثقته بالغريب. النظام العربي - القبلي يعظم صاحب السلطة و(القبيلة - المنطقة - الكيان - قطعة الأرض)، بينما الغربي مصمَّم للتعامل مع صاحب السلطة والكيان وفق مقتضى المصلحة العامة. الغربي هو رائد الاكتشاف والتطوير على مدى الـ500 عام الأخيرة، بينما العربي مجرد مستهلك، وإن حاول التطوير فهو مجرد مقلد، وليس مبدعاً. هذا مثال للفروقات البارزة في طريقة التفكير بين مجتمعين مختلفين. وليست القضية هنا التفضيل لأحدهما على الآخر، بقدر ما هي تساؤلات نطرحها حول الفروقات.

ولو افترضنا حسب مقاييس التقدم المعاصرة التقنية والتنموية والاقتصادية والسياسية أن الغرب هو المتقدم فلماذا لا يستطيع العالم العربي أو العالم الثالث بصفة عامة - وفق المسميات المعاصرة - الاحتذاء به؟ ما الصعوبة في أن نستقدم الشركات الغربية ونتعلم منها أو نستعين بالخبراء الغربيين لنتعلم منهم، أو نبتعث أبناءنا لمدارسهم ومصانعهم ليعودوا إلينا بفكر مشابه؟

التفسيرات المتعلقة بتطوُّر الإنسان والتغيرات الاجتماعية ترى أن أصل البشر واحد، لكن مكان عيشهم وظروفهم المناخية والجغرافية والسياسية تقود إلى الاختلاف؛ وبالتالي فإن أية فروقات ناتجة هي عبارة عن تفاعل الإنسان مع بيئته بمختلف مكوناتها. بمعنى آخر، إذا قلنا إن أصل البشر إفريقيا فإن من هاجر منهم لأوروبا صبغته ظروفها، وخلقت له سلوكاً وتفكيراً مختلفاً عن ذلك الذي بقي في إفريقيا أو انتقل إلى مكان آخر في العالم.

النظريات الاجتماعية ظلت هي السائدة دائماً في تفسير الفروقات بين البشر، الشرق والغرب، الشمال والجنوب، المتقدم والمتأخر، وعلى استحياء أو خوف يتم طرح فكرة العنصر خشية اتهامات العنصرية، وهي اتهامات أصبحت تتنافى مع حقوق الإنسان، ويتم استهجانها من قِبل المجتمع العالمي. فلا يجوز أن نقول إن العنصر الأبيض أذكى من الأسود، أو اليهودي أذكى من غيره؛ فمثل هذه التصنيفات مزعجة وغير مقبولة في الوعي الظاهر على أقل تقدير.

وماذا عن التفسير الجيني - البيولوجي؟ وخصوصاً مع ظهور ثورة قراءة التسلسل الجيني للبشر التي بدأت بشكلها البارز منذ عشر سنوات تقريباً (عام 2003م أعلن مشروع الجينوم الذي مهد لثورة الدراسات الجينية)؟

هل هناك اختلاف جيني يقود إلى الاختلافات بين شعوب الشمال والجنوب، الشرق والغرب، البيض والسود؟ وبالتالي فالاختلافات بين تلك الشعوب بيولوجية، وستبقى للأبد، ولن يمحوها الاختلاط والتثاقف والتبادل المعرفي، ولن تمحوها عوامل التمدن وتشابهها في مجال بناء المدن والخدمات والتنمية؟

سؤال الجينات، صعوبته ليست في البحث العلمي والبيولوجي، بقدر ما هو الخوف من العودة للفكرة المرفوضة المتمثلة في العنصرية وتمييز عنصر على الآخر، وهو خوف لا يعتري السياسيين فقط، بل الأكاديميين والباحثين. لكن الكاتب (نيكولاس ويد) أثار هذه القضية في كتابه الصادر مؤخراً، مفترضاً عدداً من الأسئلة التي تتحدى النظريات الاجتماعية الحاكمة لموضوع الاختلافات البشرية، وطرح فكرة الاختلاف الجيني بين الشعوب.

ما رأي القارئ الكريم وقبله أساتذة الاجتماع والمثقفين حول فكرة الاختلاف الجيني بين الشعوب؟ هل لدينا نحن الشعب العربي جينات تختلف عن بقية الشعوب تجعلنا مختلفين عنهم بالرغم من كل جهود التقارب والتعلم والاحتكاك؟

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب