Friday 23/05/2014 Issue 15212 الجمعة 24 رجب 1435 العدد

قصة قصيرة

كُرسيٌ مُتحرِك

عندما قررت نجاة الهرب من منزلها لم يكن أمامها خيار آخر، فقد تبقى على زفافها بضع ساعات، ولم تكن تحب جاسم لقد كرِهَته من أول نظرة ووافقت مجبرة بعد إلحاح والدتها.

لكن قلبها كان يميل لرجل آخر نذر نفسه من أجلها؛ إنه خالد!

كانت تلملم حاجياتها وتضعها في حقيبتها دون أن يشعر الجميع،

فالكل يستعد لهذه المناسبة ويغط في سبات عميق

استقلت سيارة أجرة وإلى إحدى الفنادق كانت تنوي قضاء ليلتها قبل أن يفتضح أمرها.

حين استلقت على السرير تناولت هاتفها لترسل: لقد هربت!

كانت الساعة تشير إلى الثالثة فجراً

لقد كان التوتر باديا على ملامحها، حاولت أن تغمض عينها دون جدوى!

بعد عشر دقائق جاءها الرد:

يا مجنونة إذن فعلتِها ؟

لقد كان خالد يعاتبها ويلومها على غير ما كانت تتوقعه بأن يبارك لها ويهنئها

لقد كان يعلم ما ستؤول إليه هذه المغامرة من نتائج غير مرضية لها ولعائلتها

قرر أن تلم أغراضها وأن تعود للبيت وبأنه سيتصرف حيال هذه المشكلة

وعدته لكن بعد أن يشق النور ظلام الليل حتى لا يساور الشك موظفو الاستقبال

فيرتابوا في أمرها.

لقد شردت في ذكريات الماضي ابتسمت ثم دمعت عيناها

لماذا نرغم الحب أن يسكن ويأوي لإنسان لا نحبه؟

هل هذه هي القسمة والنصيب التي نسمع عنها؟

إن أبي وأمي يعلمان كم أحب هذا الرجل الذي لولاه ما عشت حتى اللحظة

ومع ذلك يصران على تزويجي بغيره!

أشرق الصباح وكانت قد أنهت كل شيء وعادت خائرة القوى

كان هناك باب خلفي دلفت منه لأعلى حتى لا يحس بها أحد

مشت بهدوء حتى غرفتها.. لمحتها أمها وهي تحمل حقيبتها بيدها فأسرعتُ وأغلقت الباب.

لقد استبدلت ملابسها وغسلت وجهها وجلست على حافة السرير ثم نظرت للمرآة التي كانت تعكس صورتها من الجانب الآخر ؛ ثم تساءلت: هل هذا وجه امرأة ستحتفل بليلة عمرها؟

لقد كانت شاشة الهاتف تضيء صامتة، أخذته ووجدت المتصل هو ابن عمها:

مرحباً.. نجاة

أهلا.. خالد

لقد كانت كلماتها بالكاد تخرج من فمها وحشرجة في صدرها وغصة في حلقها

ثم واصل كلامه..

أعلم أنك مستاءة ومتوترة هذه اللحظة، لقد حاولت قبل أن يتم هذا الزفاف أن أقنع عمي بأن جاسم غير مناسب لك لكنه لم يسمعني!

شعرت برغبة شديدة بالبكاء لكنها كممت فمها بكفها وأخذت تنشج بصوت مخنوق

ثم أكمل..

حاولي يا نجاة أن تتقبلي حياتك الجديدة واعتبريني أخ لك وصديق و...

لقد صمت خالد ولم يستطع إكمال حديثه لأن قلبه لم يتحمل أن يلقي مثل هذه الكلمات على من أحبها واعتبرها توأم روحه

لكنه مضطر لأن الموضوع خرج عن السيطرة ولو لم يتداركها ويقنعها بالعودة فقد تؤذي نفسها وهو يحبها ويخشى أن تشاك بشوكة.

الآن سأتركك كي ترتاحي وتجهزي نفسك لحفلة الليلة وألف مبروك يا عزيزتي

لقد أغلقت الهاتف ولم تنطق بكلمة

حين أقفل خالد السماعة أجهش بالبكاء بعد أن ضرب على حافة كرسيه المتحرك

الذي لازمه لست سنوات حالت بينه وبين أشياء كثيرة قائلاً:

أنا رجل مقعد لا أصلح لك يا نجاة..!

أمل عبدالله القضيبي - الرياض