Saturday 24/05/2014 Issue 15213 السبت 25 رجب 1435 العدد
24-05-2014

مُغرّدون ومبادرون

هل نحن عاطفيون بقلوب عصافير وبلابل، ام هي موروثات النبل والشهامة التي تربّت عليها اجيال الجزيرة وأبناء يعرب؟! وفي كل الاحوال هي لفتات رائعة كالموقف الكريم ممن بادروا بزيارة الفتى إبراهيم طريح سرير المستشفى رغم الزحام وحرارة الاجواء، هنا لا بد من موقف او تساؤل: هل نحن مجتمع من السهل استثارته بمثل هذا النداء، ويمكن بالمقابل اقناعه باي اشاعة مغرضة او عابثة، او حتى ذات اهداف مشبوهة؟ انا اربأ بهذه الانفس الراقية والقلوب الرحيمة ان تنزلق بهذه المزالق والشبهات، فهذه العقول النيّرة اكبر من ان تُخدع بترويج اقاويل واباطيل ضد بلادهم ومجتمعهم، هم للخير اقرب، بل انهم يسعون اليه قبل أي نداء، يسارعون للخيرات، وبالمقابل فالمنتظر والمأمول ان يجتنبوا الشبهات ويتوقفوا عند كل محذور، وان يتفحّصوا كل دعوة او إشاعة لا يدركون مغازيها وابعادها، الاندفاع بلا علم واحاطة وراء كل قول منمّق وقصة منسوجة لهدف خفي يُعد مشاركة فيها وينالنا ذنبها وعقابها، ونكون تحت طائلة المحاسبة ان نحن تجاوزنا بأعمالنا واقوالنا المحاذير، من العيب على المرء ان يكون بالوناً جاهزاً لكل من أراد ملأه بما يريد من مواد سامة او ملوثة ثم يطلقه بالمكان والزمان الذي يخدم اهواءه ومآربه.

وحينما تطرب عند متابعة هذه المبادرات الخيرة فإنك لتدهش من نقيضها مما يتناقل من اخبار مزعجة عن احداث شبابية مؤسفة نتيجة مضاربات ومناوشات مردها للتعصب الرياضي او القبلي او الطائفي او حتى المناطقي، اليس من المنطق ان تنأى عقول الفتيان عن هذه التُرّهات وترقى بمفاهيمها الى مستويات أرفع وأسمى، بما يوازي نخوتها ومبادراتها لزيارة مرضى المستشفيات؟! فهذا التفاعل الإنساني المجتمعي من المقومات الداعية للفخر والاعتزاز، كما انه مقياس ملموس لمستوى التلاحم والتآلف الاجتماعي، والسعي لمساعدة كل محتاج، وقد اتضحت هذه الصور بتفاعل رجال أعمال وعدد من أهل الخير مع حالة ابراهيم، ومن ثم الشقيقات الست من ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد نشرهن معاناتهن عبر (تويتر)، فتدفق عليهن الخير بفضل الله ودعم المحسنين الذين اصلحوا شأنهن بجودهم وكرمهم، وكما قال عدد من المغردين فان مبادرات الخير من مجتمع الانسانية غير مستغرب واوردوا امثلة منها: فريق (لوجدتني عنده) لزيارة المرضى بجدة، وهمة الشباب حينما يشكّلون فِرقاً للبحث عن المفقودين من كبار السن ومن لديهم أمراض نفسية وفي مواسم السيول ويتم العثور عليهم، وهناك شباب يهتمون بصيانة ونظافة المساجد والعناية بالمقابر لا سيما اثناء وبعد مواسم الامطار لإصلاح ما قد يتضرر من القبور، وسجل المتابعون بإعجاب زيارة نائب أمير المنطقة الشرقية الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد لركن الفتاة هيلة المحيسن بأحد المعارض، وقد وُلدت من دون يدَيْن ولم تمنعها الإعاقة من أن تمارس حياتها الشخصية بنفسها من دون أي عائق، فكان للمبادرة وقعها الطيب، وتفاجأ معلمو ابتدائية تثليث بقيام طلاب الصف الخامس بإحضار برادة مياه شرب صدقة لزميلهم الطالب مازن البلوي الذي وافته المنية مؤخراً، وبينما شباب المملكة بالداخل يسطرون هذه الملامح الرائعة، كان ثُلّة من طلابنا في ولاية اريزونا الامريكية يعملون على صيانة ونظافة مسجد المدينة.

t@alialkhuzaim

مقالات أخرى للكاتب