Tuesday 26/05/2014 Issue 15215 الأثنين 27 رجب 1435 العدد
26-05-2014

الأمهات .. المدارس والصورة الذهنية

أشرت في المقال السابق إلى تكريم الأمهات في حفل تخرج مدارس الجودة الثانوية من خلال تخصيص قاعة لهن لمشاهدة فلذات الأكباد, كما ألقى مدير المدارس الأستاذ علي بن عبدالله الهذلول كلمة صادقة أوضح فيها دور الأم في نجاح الأجيال.

كانت الكلمة درسا للأبناء وهم على أعتاب التخرج لأن هذا الجيل هو من سيمسك -بإذن الله- بيده شؤون الوطن في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، في المواقع الأمنية والأكاديمية والطبية والهندسية ويمسك بخيوط الشبكة العنكبوتية الإنترنت والتواصل الاجتماعية لينقحها وينقيها من الشوائب ومن أحقاد الحاقدين.

كانت الرسالة بليغة قدمها مدير يعي دوره التربوي والاجتماعي والوطني، قادر على تعزيز الانتماء والولاء لطلاب على مقاعد الدراسة الثانوية. نحترم هذه القيادات التربوية التي شرفت الأمهات والجدات لحضور حفل التخرج وإن كانت عبر شرفات علوية وصالة مستقلة، لكن الأبناء كان لهم لمسة وفاء مع أمهاتهم اللاتي منهن الأرامل والمطلقات وزوجات أقعد المرض عائلهن ومنعت الإعاقة بعض الآباء من الحضور، وأخريات كان عائلهن في مهام رسمية, حيث قابل الأبناء أمهاتهم خارج أسوار المدارس وفي منازلهم وطبعوا أغلى قبلة على الأيادي التي قامت على رعايتهم وأطعمتهم أعذب وأثمن حليب رضعوه حليب الأم الذي لا يعوض، أمام هذه الصورة المفعمة بالمشاعر صورة أخرى نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي لخريج إحدى الجامعات السعودية خرج من القاعة ليجد أمه في انتظاره عند باب الجامعة لتهنئته والمباركة له فقبل رأسها ويدها وربما قال كما قال الشاعر محمود درويش: أحن إلى خبز أمي/ وقهوة أمي/ ولمسة أمي.

صورة ثالثة أتمتها مدارس الجودة عندما أقامت العرضة السعودية في ساحة المدرسة، حيث تحلق الأساتذة أعضاء هيئة التدريس والإباء في دائرة حول العارضين ثم اخترق الطلاب الصفوف للوصول إلى ساحة العرض لتتشابك الأيادي وتمتزج في لوحة واحدة أدى كل طالب تجذره الجغرافي فأحدهم تمايل بلونه السامري معبرا عن الرياض وحائل, وآخر أعاد ذاكرة حادي العيس وجر حنينه معبرا عن هجيني القصيم ورحلات العقيلات، وثالث يترنم بالخطوة العسيرية الوثابة بكل شمم جبال السروات، ومنهم من شالته التهامية وتهادى في الوهاد يتغنى بمطامن الهضاب وأوديتها، وآخرون نثروا بالأرض الكادي والرياحين على أنغام جازان الطربة, والبعض حرث الأرض ليخرج نبتها على صهيل دحة الشمال جوف العرب وحدنا الشمالي, ومنهم من غاص في تعرجات الخليج على الدانة ويامال والليوه، والبعض أرادها خبيتي ليشعل الأهازيج في مطامن المدينة المنورة وينبعاوية البحر والنخل، جميعها شكلت العرضة السعودية في صياغة طلابية تأكيدا على الوحدة الاجتماعية والانصهار الأسري بعد أن تمت الوحدة الجغرافية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله,فالرياض المدينة أذابت المجتمع بصورة إيجابية جعلت منه فسيفساء مترابطة حتى لا تفرق بين الطلاب لا بالكلام اللفظي ولا بالأزياء والسلوك فقد غمرتهم الرياض في هوية واحدة, وهذه من أهداف الغرس الوطني التي نسعى جميعا إلى تحقيقه.

مقالات أخرى للكاتب