Thursday 29/05/2014 Issue 15218 الخميس 30 رجب 1435 العدد
29-05-2014

فوضى الأسماء ..

* * في مبتدأِ عمله الصحفيِّ اختلف مع المبدعة الأستاذة هدى الدغفق حين شاءت النشر باسمها الثلاثيِّ دون التعريفِ باسم عائلتها (هدى عبدالله عبدالرحمن) وهو حقُّها دون ريب كما حقه أن يعلم باللقب تمشيًا مع أنظمة النشر وتحسبًا لسؤالٍ أو مساءلةٍ، ولم يُقنعها ولم ترضَ ثم انتهى الأمرُ بعد فهمٍ مشتركٍ فعرف ولم يُذِعْ ويعتزُّ أن كان دخولُهما للساحة متزامنا.

)) ليست الحكايةَ الوحيدةَ؛ فقد مثَّل الاسمُ» الحقيقيُّ» خطوةً أولى لا يمكن تجاوزُها لمن شاء النشرَ، وربما طُلبت معه الهُويةُ المميِّزةُ إذا اتصل موضوعُ الكتابةِ بآخرين، ويبقى الاسم المستعار أو الناقصُ ضرورةً لمراعاة المتداخلات الاجتماعية التي قد تفرض الحجبَ أو الاحتجاب.

* * تبدل الزمن فلم تعد القنوات الإعلاميةُ الرسميةُ حاكمةً وصار المستعارون أكثريةً وتزايدات الأسماءُ المتماثلةُ والمتشابهةُ نتيجةَ دوراننا المتكرر في مساحاتِ التسميةِ والتسمِّي، وإذ ما يزال الأبناءُ يُسمُّون بأسماءِ أجدادهم الأدنين فالرقم يتزايد، ولا يتصل الأمرُ هنا بأفضليةٍ؛ فتسمية الأبناءِ حقٌ للوالدين وإن كان إطلاقُ اسم الجدِّ على الابن أيسرَ البرِّ؛ فهو لا يكلفُ كثيرًا ويتماشى مع تقاليد متوارثة، ويقال إن أول من أسمى ابنه باسم أبيه سيدُنا الحسين بنُ عليِّ ابنِ أبي طالب رضي الله عنهما ،وأسمى الرسولُ صلى الله عليه وآله وسلم ابنَه إبراهيم تيمنًا بأبي الأنبياء كما ورد في الحديث الشريف.

)) يبقى الاسمُ «الأبويُّ» اختيارًا خاصًا معبرًا عن وفاءٍ ومحبةٍ ،كما يجيءُ في سلبياته اضطرارُنا إلى الالتزام بثنائية الأسماء وربما ثلاثيتها ورباعيتها حتى بدت أسماؤُنا مركبةً فلا يكفي - داخل الأسرةِ الكبيرة- الاسمُ المفردُ لتشابهه مع أسماءٍ كثيرةٍ من أبناء العمومة والخؤولة والرحم.

* * لم تعد هذه ظاهرةً مجتمعيةً تُناقَش في مدىً محدود بل صارت ظاهرةً ثقافيةً أفرزتها التشابهات حدَّ التطابق بين شخوصٍ عامِّين مختلفي الهُوية والتوجه والانتماء فحصل الخلطُ والخبطُ وتجييرُ العمل لغير صاحبه،ويذكر أنه قد كتب عما صادفه من مفارقاتٍ بسبب تطابق اسمه ثنائيًا وثلاثيًا مع أفاضلَ آخرين، ووقتَ البريدِ القديم وصلته رسائلُ لا تخصُّه وربما بلغت سواه رسائلُه.

* * لم يتخذ يومًا ولن يتخذ اسمًا مستعارًا فالوجهُ لا يُغطَّى والهويةُ لا تُنتحلُ، والخائرون والمسيئون وحدهم يتقنعون ليمارسوا في الظلِّ ما عنه يتوارون مفتقدين الصدقَ والجرأةَ والنزاهةَ، وليت الصِّحافة الإلكترونيةَ تعزم أمرها وتمنع التعليقَ بغير الأسماءِ الحقيقية، كما ليت المجتمعَ يتفقُ على نفي المستعارين من دوائرِ اهتمامه ولا بدَّ أن يعتني المتشابهون بتمييزِ أشيائهم عبر صورهم وأسمائهم الرباعية والخماسية كي لا يأخذ أحدٌ حقَّ أحدٍ ولا يُحاسَبُ أحدٌ عن أحد.

* * لا مخرجَ قريبًا من فوضى الأسماء؛ فالفضاءُ الشبكيُّ يمتدُّ بامتدادها ويتسعُ لتشتتها مثلما يضيقُ بحصرها كما حصارها،والتعايشُ مع فوضاها لا يعني تفويضَها كي تعيثَ وتعبثَ ليبقى الوعيُ والنظامُ نافذتي ضوءٍ لتبديد العَتَمة.

* * الأقنعةُ وهن.

ibrturkia@gmail.com

t :@abohtoon

مقالات أخرى للكاتب