Sunday 01/06/2014 Issue 15221 الأحد 03 شعبان 1435 العدد
01-06-2014

راجع «يورْ سِلْف»..!!

من الملاحظة، والواقع، والشواهد، والدلائل، وكل ما يندرج تحت البراهين، والدلائل أننا مجتمع مستهلك بأدق تعاريف الاستهلاك..

ليس فيما يتعلق بظواهر تتضح في المظهر الخارجي، الملبس، والحركة، والكلام، والسلوك، فقط بل في العادات، والتفكير، والبناء, والأثاث، والمأكل، وعاداته، والمشرب وألوانه.. في أنواع الوجبات، والسلاطات «الزلطات»، والحلويات، والمقبلات، وطرق الأكل، وعاداته..، وفي «صرعات» دور الأزياء، والرسومات التي توضع على الصدور منها والظهور سواء مناسبة، وأغلبها غير مناسبة للذوق العام، وللقيم، وللقواعد الفكرية، والأخلاقية، وفي قصات الشعر، والأحذية ما ارتفعت كعوبها حتى ما كان منها للرجال، وما انخفضت زاحفة على الأرض..

مستهلكون في العربات، والكماليات، والمجوهرات، والمجمِّلات، مستهلكون في السفر، وما جُمع له من مؤونة، وما كلف من صرف وتفريط..، مستهلكون حتى لأشعة الشمس تغير ألواننا، وللأدوية تعالج أمراضنا الناجمة عن استهلاكنا، مستهلكون لصحتنا فنحن أكثر دول العالم مرضى سكر، وفشل كلوي، ورئوي باستهلاك التدخين، والتفريط في القيم الغذائية..

لذا نحن نهدر ألوف المليارات على هذا الركض الحميم.. فإلى أين..؟..

ثم نحن مستهلكون في التبعية الثقافية، والفكرية، وفي أساليب التفاعل مع كل ما نستهلك بسرعة وبنهم.. نركض في استهلاك الوسيلة مهما تطورت وغلا ثمنها، وحيث وجدت، وبكل تبدلاتها نبدل معها أشكال فكرنا، وأنماط سلوكنا، كانت في أجهزة فنحن أول من يشتريها، أو في استخدام فنحن أكبر الأعداد في الإقبال عليها.. فتجدنا أعلى نسب مستهلكي مواقع التواصل الاجتماعي، بمثل ما نحن أكثر المستهلكين للتبغ، ولشراء العربات..، وأعلى نسب الإصابة بالسكري، وأمراض أخرى..كما سوقنا هو أو ما يستهدفه المورجون للسلع فأجسادنا أول المستهلكة لآثار استهلاكنا السيئ..

وبالتالي نحن أعلى نسب الهدر المادي..

مع أننا لا نصنع، ومع أننا لا نجري أبحاثاً ذات آثار وفاعلية بشرية فلا نحصد نتائج، ومع أننا لا نصغي لنصائح، ولا نتبع نظاماً لا في الغذاء، ولا في الدواء، ولا في البيت، ولا خارجه، بمثل ما إننا لا نتبع نظاماً في الشارع، لا مظهراً، ولا سلوكاً مع السير، وعند الوقوف المفاجئ والانعطاف السريع.. والمشاكلة إن عبرت بأنوفنا كلمة، أو تخطَّانا ظل،..!!

نحن أيضاً مستهلكون للغة غيرنا، فمحلاتنا التجارية الكبرى تحمل حروفنا العربية بكلماته الأجنبية، فهنا «مول»، وهنا « تويزرأس»، وهناك»سب وي»، وهناك..... حدِّث ولا تقف..

والعربية بسهولة يمكن أن تعبر عن «مجمع تجاري» أو»سوق»، و» ألعابنا»، و..و..,...وعدِّد ولا تقف..

من أطرف ظواهر استهلاكنا وقد ضحكت كثيراً، و»شر البلية ما يضحك» حين جمعتني حجرة ببعضهن يتفاوتن في العمر، تتبدى عليهن مظاهر الثراء الفاحش، تعرفت فيها اثنتان على الأخرى، فذهبتا تستعيدان كثيراً مما يجمعهما من الأخبار، فإذا بواحدة منهما تسأل الأخرى:

عندك «مِقْرمْ»، و«وَتَبْ»، فأجابتها « بالإيجاب، مدت يدها إليها بجهاز هاتفها تطلب إليها إضافتها لتتبادلا التواصل والصور..!!

«انستقرام»، و«الواتس آب»، وسيلتا استهلاك مجتمعنا بكل قضِّها وقضيضها...,

طالت العارف، والعالم، والجاهل، والصغير، والكبير.. ولا حرج، ولابد من المواكبة ولكن أين الوعي الضابط..؟ فأمراض الاستهلاك بدأت تبني قواعدها في صحة الأفراد، وعقولهم، و...... وأشياء كثيرة..!!

تلكما السيدتان ذكرتاني بالرجل الذي ترك حذاءه عند باب الطائرة قبل صعودها، وتلك المرأة التي رفضت دخول حجرة كان مذيع الأخبار على شاشة التلفاز فيها..

نحن مجتمع يستهلك باندفاع، ويغرق في استهلكه بلا تروٍ..!

والدليل..؟

راجع نفسك..!!.

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب