Monday 02/06/2014 Issue 15222 الأثنين 04 شعبان 1435 العدد

رحم الله الخويطر وإطلالته على التراث!!

... وأنا في أوج التجليات الكتابية مساء الأحد 26-7 وبين منتصف الليل، دخلت على عالم التواصل الاجتماعي (تويتر) فوجدت التغريدات المؤبنة في رحيل معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الخويطر.. فقلت ذا معقول؟!

تذكرت أني قرأت في المجلة الثقافية في جريدة (الجزيرة) في عددها السبتي25-7 إشارةً إلى مرض أو وعكة صحية غيبت معالي الدكتور، وتتمنى عودته لسبتيته ومحبيه!

ثم دخلت على صحيفة المواطن الإلكترونية ليتأكد لي نبأ الوفاة.. حقاً لقد فوجئت بالخبر ثم استرجعت وحوقلت «إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم رحمك الله يا أبا محمد!!».

رحمك الله وأنت تغادر دنيانا الفانية بعد أن عشت أجيالاً ثلاثة (على اعتبار أن الجيل ثلاثين عاماً) كما يقول علماء الإنثربولوجيا، رحمك الله فقد عشت وزيراً ومقرباً مع خمسة ملوك من حكام بلادنا السعودية حتى أن الفيصل -رحمه الله- قال فيك: عبدالعزيز الخويطر ثروة وطنية فلا تفرطوا فيها.

رحمك الله لأنك عميد الوزراء السعوديين، وأول أكاديمي سعودي يحمل الدكتوراه في فلسفة التاريخ من بريطانيا ورحمك الله فأنت من أثريت المكتبة التاريخية والأدبية بكتبك وإنتاجك الثري كالوسم على أديم الزمن.. وإطلالة على التراث.. وأي بني.. وسواها كثير.

رحمك الله يا رمز النزاهة والأمانة والإدارة والقيادة والوزارة والدبلوماسية والانتماء الوطني.

أذكر أني قرأت عنه -رحمه الله- قصة دالة ومعبرة عن هذه الأمانة والنزاهة يوم أن كان في جامعة الملك سعود، فقد استعار كتباً من المكتبة، ولما انتهى منها أعادها كلها إلا واحداً نسيه في أحد أرفف مكتبته.

وتمضي الأيام والسنون ويحلم الخويطر بثعبان عجيب يطل برأسه من ذلك الرف ثلاث ليالٍ متتاليات فأصر على تفسير الحلم عملياً وبينما هو يبحث في هذا الرف وجد كتاباً لجامعة الملك سعود فأخذه وأعاده للجامعة!

رحم الله الخويطر الذي عايشناه طلاباً وهو وزير للمعارف، ولما دخلنا إلى عالم الوظيفة والتدريس عام 1396 كان ملء السمع والبصر، واستمرت علاقاتنا التربوية والتعليمية حتى عام 1416 عندما غادر الوزارة ليحل محله الدكتور محمد الرشيد رحمه الله.

أما علاقاتنا الثقافية فقد بدأت واستمرت ومازالت من خلال المثاقفة والتتلمذ على نتاج فكره وأدبه رحمه الله.

كان الدكتور عبدالعزيز الخويطر إدارياً حاذقاً، ووزيراً فاعلاً، ومثقفاً منتجاً، وأديباً يشار إليه بالبنان، اليوم تفتقده الساحات الإدارية والتربوية والثقافية والأدبية، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

والحمد لله رب العالمين.

- د. يوسف حسن العارف