Sunday 08/06/2014 Issue 15228 الأحد 10 شعبان 1435 العدد
08-06-2014

مشروع تطوير التعليم .. هل يقلص المركزية؟

ولا زلنا نكتب بعض الأفكار ونطرح بعض الأسئلة المتعلقة بمشروع تطوير التعليم الذي رصد له مبلغ 80 مليار ريال، ونكرر ما ذكرناه في مقالات سابقة بأن آمالنا كبيرة في أن يحدث هذا المشروع النقلة النوعية المطلوبة في تطوير التعليم. ونرجو التأكيد على أننا نناقش مشروعا وطنيا تعليميا مستقبليا ضخما، يستحق أن تفرد له مساحات أكبر من النقاش وتبادل الأفكار الجادة.

أحد بنود مشروع التطوير التي أعلن عنها تتمثل في إحداث مراتب وظيفية عليا، بما فيها مراتب الدرجة الممتازة لمديري التعليم بالمناطق التعليمية المختلفة، وقد فهمت من ذلك بأن هناك توجها لمنح مديري التعليم مزيداً من الصلاحيات الإدارية، باعتبار المدرسة البيروقراطية المحلية تعتقد أن تضخيم المرتبة الوظيفية يعني منح مزيد من الصلاحيات. رغم عدم اتفاقي مع هذا وقناعتي بأن تضخيم المرتبة الوظيفية دون هيكلة حقيقية في التنظيم الإداري تعني مزيداً من التضخم ومزيداً من البيروقراطية الإدارية، كما لاحظنا ذلك في العديد من الجهات التي استحدثت مراتب عليا في أجهزتها الإدارية وزاد التعقيد البيروقراطي لديها.

أعود إلى موضوع اللامركزية في نهج وزارة التربية والتعليم، وقد طالبنا وطالب غيرنا بها، مراراً وتكراراً. وفي التعليم والصحة تحديداً سبق أن اقترحت أن ينهجا نهج الشؤون البلدية والقروية باستقلال الأمانات الكبرى مالياً وإدارياً ووظيفياً عن وزارة الشؤون البلدية والقروية، مع بقاء بعض علاقات التنسيق والإشراف العام في الخطوط الوطنية العريضة، وفي نفس الوقت استمرار وزارة الشؤون البلدية والقروية في إدارة البلديات بالمناطق الأصغر قبل تحويلها تدريجياً إلى أمانات. ما ننشده في التعليم هو أمر مماثل، بحيث تستقل المنطقة التعليمية بميزانيتها ووظائفها وصلاحياتها التشغيلية والتنفيذية، ويبقى ارتباطها بوزارة التربية في مجال توحيد المناهج وتطبيق السياسة التعليمية الوطنية الموحدة وغيرها من الأمور التخطيطية والإشرافية العامة. يجب أن ينشأ بكل منطقة مجلس تعليمي يساعد في مساندة إدارة التعليم التنفيذية في رسم سياسة التعليم بالمنطقة في الحدود التي لا تتعارض مع السياسة التعليمية الوطنية.

ليس هناك اختلاف على فكرة اللامركزية، لكن التفاصيل تبقى محل النقاش، وقد أثارني التركيز على إيجاد المراتب العليا بدلاً من التركيز على فكرة اللامركزية ذاتها وخشيتي أننا سنقدم العربة قبل الحصان، كما يقال في المثل. بمعنى آخر أخشى إيجاد المراتب العليا قبل تحديد أطر الفصل للمناطق التعليمية ونواحي استقلاليتها وآلية تشغيلها بعيداً عن المركزية. في هذه الحالة سننقاد دون أن نشعر لمزيد من البيروقراطية والتضخم في الجهاز الإداري دون أن تحل المشكلة الأساسية، المتمثلة في تقليص المركزية. أرى عدم التسرع في إحداث أية وظيفة عليا قبل إيجاد نظام المناطق التعليمية المستقلة. قبل وضع موظف بالمرتبة الممتازة يجب فصل ميزانية المنطقة التعليمية ووظائفها وتحديد مهامها. سبق أن كتبت عن تضخم الجهاز الإداري في قمة وزارة التربية وبأن وجود ثلاثة نواب للوزير وعدد من الوكلاء هو بحد ذاته تضخم بيروقراطي، فما بالنا حينما نستحدث مزيداً من المراتب العليا دون تغيير الخارطة التنظيمية والمهام والصلاحيات وغيرها مما يتعلق بهذا الأمر.

وحتى أكون أكثر وضوحاً، فأنا أطالب برؤية وطنية واضحة في موضوع المركزية واللامركزية وفي استقلالية المناطق في كثير من المجالات وبالذات في ماله علاقة بالقطاعات الخدمية وليس التعليم وحده. إدارة التعليم جزء من منظومة إدارية وطنية متكاملة، وما أخشاه إرهاق التعليم بتغييرات جزئية لا تسندها رؤية وطنية شاملة في التطوير والتغيير الإداري.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب