Monday 09/06/2014 Issue 15229 الأثنين 11 شعبان 1435 العدد
09-06-2014

هل يتآمرون علينا؟!

يستفزني أحيانا من يجنح إلى تكذيب المؤامرة جملة، وتفصيلاً، إذ هم يفهمونها على أنها تخطيط مسبق لإيذاء الآخر، وقد تعبنا من الشرح، والتفصيل بأن المؤامرة تتعلق بلغة المصالح، أي أنك تتآمر على إنجاز عمل ما، بهدف تحقيق مصلحتك الذاتية في الأساس، وتكون نتيجة ذلك العمل إلحاق الضرر بالآخرين، وقد قلنا لهم منذ تباشير «التثوير العربي» إنه لا يمكن أن يتحمس الغرب لإحلال الديمقراطية في عالمنا المنكوب، لأن هذا ببساطة يتعارض مع مصالحه، وقلنا إنه لا يمكن لأوباما أن يطلب من حليف أمريكا التاريخي، الرئيس مبارك أن يتنحى الآن، وليس غداً!!، لأن هذا الرئيس الجهبذ، أوباما، قرر فجأة، مع منظومته الديمقراطية أن يذيقونا حلاوة الحرية، والديمقراطية، وكررنا أنه لا يمكن لدويلة، لا تكاد ترى بالخريطة، أن تتبنى المشروع «الديموقراطي العربي» من تلقاء نفسها، لأنها، هي ذاتها، تحارب الديمقراطية، وتسجن الداعين إليها، ومع ذلك ما زالوا يقزمون من يتحدث عن نظرية المؤامرة!!

حسنا، لقد تفطر قلب قائد العالم الحر، باراك أوباما، وقلب رئيس الدولة التي صنعت تمثال الحرية، ساركوزي، ومعهم قاطن البيت رقم عشرة، في شارع داوننق، في لندن، وهم يشاهدون قوات مؤلف الكتاب الأخضر تتجه نحو بنغازي لقتل الثوار الليبيين، ولذا قرروا، في ساعات، أن يطلقوا صواريخ كروز العابرة للقارات، وطائراتهم الثقيلة، ولم يتوقفوا إلا بعد أن قتل القذافي، وظهر القاعدي، والحليف لحلف الناتو، والمجاهد العظيم، عبدالحكيم بلحاج، وهو يرتدي بدلة النصر التي صنعت في باريس، وبعد أن انتشرت الحرية، والديمقراطية في كل أنحاء ليبيا، على النحو الذي نراه الآن!!، ثم إن قادة العالم الحر عجزوا، بعد ذلك، أن يحركوا طائرة نفاثة واحدة لحماية المواطنين السوريين، الباحثين عن الحرية، أيضاً، حتى بعد أن استخدم بشار الأسد السلاح الكيماوي، وألقى البراميل المتفجرة على رؤوس الأطفال، وهدده أوباما بأن أيامه معدودة، ثم يأتي، بعد كل ذلك، متحذلقٌ، ويتحدث عن قصر نظر أصحاب نظرية المؤامرة!!.

قادة العالم الحر، أيضا، ذهلوا من عظمة الثورة المصرية الأولى، ودعموها، ولم لا، وهي الثورة التي كانت ستأتي بالإسلام السياسي للحكم. هذا، ولكن بعد أن ثارت جماهير الشعب، مرة أخرى، على حكم الإسلام السياسي، تغيرت نظرة زعماء العالم الحر للثورات، فوقفوا، وما زالوا ضد إرادة الشعب المصري في خياراته، لأنها قد تأتي بحاكم يطمح إلى نشر الحرية، والديمقراطية الحقيقية، لا الديمقراطية على الطريقة الغربية!!، ونختم بالقول إن من يزعم بأن كل مشاكلنا سببها المؤامرة الغربية على عالمنا فهو مخطئ، ويرمي بفشله على الآخرين، ومن ينفي وجود المؤامرة كليا فهو مخطئ أيضا، فالمؤامرة موجودة، ولكنها مرتبطة بالمصالح، وهذا ما حصل في تثوير الشعوب العربية!!

ahmad.alfarraj@hotmail.com

تويتر @alfarraj2

مقالات أخرى للكاتب