Tuesday 10/06/2014 Issue 15230 الثلاثاء 12 شعبان 1435 العدد
10-06-2014

علم نفس الخصومة

لا نتوقع مطلقاً أن مسلماً يؤمن بالقرآن الكريم والرسالة المحمدية أن يفجر في الخصومة مع مسلم آخر يدين بذات الدين، هذا أمر لا يدخل العقل ولا المنطق ولا الأخلاق، وهو بهذا الفجور يرتكب قبائح لا تغتفر وستسجل في ملفه الأبدي حياً وميتاً ويوم يبعثون، والتعجب من هذه الممارسة التي نقرأها عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحديداً أنها تخرج من كل الملل والنحل والاتجاهات والأحزاب والطوائف ممن ينتمون إلى دين الإسلام.

والقرآن الكريم مليء بالتوجيهات التي ترفض (الفجور في الخصومة)، وهناك آيات صريحة وواضحة تؤكد على معاملة الخصم كأنه ولي حميم، وآيات أخرى تحث على العدل مع من نكره، وفي سياقات أخرى تصف العفو بالخير وتعد سالكه بالأجر والمثوبة، ومع كل ذلك لا نرى بين المختلفين إلا خصومة مقيتة، لا تقيم لهذه المعاني أي وزن، بل تعارضها تماماً، وكأنها غير موجودة، والأدهى من ذلك أنّ الفجور في الخصومة يعده البعض شجاعة، والبعض يعده مصدراً للحسنات، وطريقاً للجنة.

في تقديري أن هذه منطقة جديرة بالدراسات والأبحاث، يمكن أن ينتج عنها علم جديد نسميه (علم نفس الخصومة) لأنّ منشأ هذا الخلل (عقد نفسية) أكثر من كونها مخالفة للتعاليم السماوية، لأنّ سلامة الطوية ونقاءها وتصالحها مع صاحبها، هي إحدى أرفع الدرجات عند الله «إلا من أتى الله بقلب سليم»، واختلالها يربك الجهاز المعرفي لدى الإنسان المسلم، ويتخبّطه الشيطان كيفما شاء.

العاقل المؤمن لا يفعل ذلك، لا يفجر في الخصومة ولا يظلم، ولا يسيء، لأنه متصالح مع نفسه، ونفسه هي الأخرى توصف بالمطمئنة، وليست الدنيا هي أكبر همه، إذا قسا يقسو في الحق وبالحق ومع الحق، وإلا فلا. هؤلاء كثر، ولكن صوتهم أخفت من صوت (النفسيات) التي تسمع لها طنيناً في كل مكان.

أنظمة جرائم المعلومات يمكن أن تحد من هذا النوع من الخصومات، على اعتبار أنّ أصحاب الفجور هؤلاء إذا لم تردعهم القيم الإسلامية، فإنّ القانون كفيل بتحسين سلوكهم ونقاء أقوالهم، ولو أمام الناس وفي (تويتر)، ربما هذا يكفينا هذا منهم، وحسابهم على الله.

nlp1975@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب