Tuesday 10/06/2014 Issue 15230 الثلاثاء 12 شعبان 1435 العدد

الأمير تركي بن عبدالله .. نعم .. للإمارة أهلُها

قاسم بن سعد المبارك

تخضَرّ الشجرة وتعلو فروعها.. ويطيب عطاؤها وثمارها.. باختيار صاحب السمو الملكي الأمير/ تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أميراً للرياض.. وهو الذي ارتَوى من مياه هذه الأسرة الحاكمة العادلة، المتمسكة بكتاب الله - جلَّ وعلا - وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، ويخطو بخطى ثابتة وواثقة نحو تحقيق النجاحات المنشودة.

وفي خِضَم هذه الفرحة الغامرة، والسعادة الشاملة، آثرت التمتع والانتظار حتى تبتل العروق، وتسمو الفرحة بهذا النبأ السعيد، الذي لم يلقَ غيره من الأنباء الوطنية العظيمة، فرحةً وتأييداً، وانطلاقاً للمشاعر الصادقة، مثلما لاقى اختيار سموه الكريم أميراً للرياض.

وممَّا رسَّخ الثقة القوية في جدارة سموه المتكاملة بهذا الاختيار الموفق، ما قاله خادم الحرمين الشريفين - أطال الله في عمره، وألبسه لباس العافية - عند أداء سموه القسم، قال له بنبرة الأب المحبّ لوطنه ومواطنيه: ( بارك الله فيك، أحثك على المواطن أول شيء، وقبل كل شيء، المواطن أهم عليك مني أنا، لأن حق المواطن حقٌ لي أنا، كما أريد منك الصبر، والتأنّي، والتحرّي ..كل خبر يأتيك تأكد منه.. والله يضع فيك البركة).

نعم.. إن للحاكم الفذّ أطراً تميزه عن غيره، وللقيادة الحكيمة سمةً يبرزها ذلك التميز، وخادم الحرمين الشريفين - نصره الله - ينفرد بكثير من الصفات الحسنة التي انبثقت منها أواصر التلاحم والتلاقي بين الرعية والقيادة، ويقوم بالمسؤولية الوطنية على أرقى صورها، يدفعه لذلك تأصله بالقيم العليا، والحرص على أحوال الرعية التي هي أمانة في عنقه، فالذي ألزم به ابنه الأمير - حفظهما الله - عندما أدى القسم أمامه، إنما هو أصول التوصية الملكية الفريدة، ودعائم العدالة القيادية، وملتزِمات السياسة الوطنية الداخلية، فتلبَّسها سموه بحسه الإنساني العالي في التناغم، بشوق وصدر رحب.. ومن شابه أباه فما ظَلَمْ.

لقد اجتمعت في صاحب السمو الملكي الأمير/ تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - كل مقومات الإمارة الفطرية، نشأ وتربَّى في روضةٍ كل فروعها ناضرة، وكل ثمارها رطبة طيبة.. في رحاب الأسرة الملكية العادلة، وتحت مظلة ورعاية خادم الحرمين الشريفين بخاصة، الذي أضاف له الكثير من الأمور الهامة للقيادة الحكيمة، فارتوى سموه بهذه الثقافة العالية، والقيم الإسلامية السمحة، وميَّزها بذلك الدفق العلمي العالي، الذي ناله من خلال دراساته العليا، وشهاداته الكبرى الوطنية والعالمية، في الكثير البارز من دنيا العلم المتطور المعاصر، فجمع بين أصول القيادة في نشأته وتربيته، والعلم الذي جعله رجلاً عسكرياً مميزاً، وما يتمتع به سموه أصلاً من التدين والتحلي بمكارم الخلق، والتواضع الجم، والاهتمام بكل أمرٍ من أمور المجتمع، والعودة في كل قرار إلى الأصول العلمية والعملية؛ ممَّا يحقق لإمارته الثبات والتميز، ويؤكد ما عرفناه عن سموه قبل اليوم من حبٍ للخير، وسعي لإسعادِ الناس، وحنو على أهل الحاجة، واستجابة سريعة لذوي المطالب والحاجات.

ولن ننسى سمة خاصة، وقضية هامة تميز بها أميرنا الإنسان/ تركي بن عبدالله - سدده الله - تلك هي (عتق الرقاب) والسعي بين طرفي الخصومة للصلح والوفاق، وفيها شدَّد سموه على أن يكون العتق والتنازل لوجه الله تعالى، تمشياً مع قوله عزَّ في علاه: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} النساء (144).

فالنزاع والخصام والتغاضب، يوجب من الشرّ والفرقة ما لا يمكن حصره بين الناس، في الدماء، والأموال، والأعراض، وفي الأديان، والمصلح بينهما لابد أن يصلح الله سعيه وعمله، مادام أنه يعمل ذلك ابتغاء مرضاة الله.. فطوبى لسموه في سعيه، وطوبى له في هداه.. وكم هي سعادة إنسانية عظمى غمرت هذه المجموعات من الأسر التي نالت الصلح مع أصحاب الرقاب، وجمع على يديه الشمل وحقق الوفاق، وهي واحدة من الثمار الكبيرة والكثيرة التي تحققت في إمارة الرياض منذ تولاَّها سموه نائباً، فطبيعة الكرام ثابتة، وقيم العطاء عند العظماء راسخة، وسمات النفوس الكريمة باقية.

إن اختيار صاحب السمو الملكي الأمير/ تركي بن عبدالله لإمارة الرياض، اختيار وراؤه اهتمامات الملك المفدى - حفظه الله - بشؤون الإمارة والناس، ولنا في أمراء الرياض نماذج تتحقق اليوم في أحفادهم، فكم هم في اهتمام دائم بالناس أجمعين، وها هو أميرنا / تركي- سدَّد الله خطاه - يسير على نهج أسلافه، يمدُّ يد الخير للجميع، ويستجيب لمطالب المواطنين، لا يميز في الحق والعدل بينهم، ولا يحظى أحد عنده بشيء لا يستحقه، ولا يُغبَن أحد في أمرٍ العدل يقتضيه.

وخارج ديوان الإمارة.. نرى العاصمة الرياض تحظى - دون مجاملة - بنهضة تنموية متنوعة، اجتماعية، وإنسانية، وتعليمية، وتأهيلية، ونهضة عمرانية، تبدو دعائمها شاهدة بذلك التطور، حتى إن أصغر الأحياء وأبعد التجمعات، تشهد بما هو حولنا اليوم من هذه العناية المطلقة بالمشروعات في كل المسارات.

وبحمد الله فأميرنا الشاب الخلوق، ذو رؤية صائبة، وجاهز لتحقيق نهضة شاملة جاذبة، ذلك أنه ترسخ اهتمامه وتركَّز في قوته العملية، وفي قوته العلمية التطلعيَّة المتفوقة، فلبِست الرياض ثوباً مطرزاً زاهياً بقدومه؛ وأمسى الناس بكل فئاتهم، ومختلف جماعاتهم، في مشاعر دافئة صادقة مخلصة من الترحيب والإجلال وحسن التقدير؛ لأن سموه سيكون القائم بكل ما يحقق السعادة والازدهار، ولننتظر الآتي.. لنَنْعَم بما تحقق وما سيتحقق من هذا الجهد المخلص النبيل؛ ممّا يجعلنا جميعاً نؤكد ونقول: (نعم.. أنت للإمارة أهلها). سائلين المولى - جلَّ في علاه - أن يوفق سموه الكريم، ويعينه، ويسدده، وينفع به البلاد والعباد، وأن يجري على يديه كل خيرٍ وعزٍ للإسلام والمسلمين. إنه سميع مجيب. وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.

- مدير معهد الأئمة والخطباء