Thursday 12/06/2014 Issue 15232 الخميس 14 شعبان 1435 العدد
12-06-2014

هل ستتحمل وزارة التربية والتعليم لوحدها عبء إصلاح التعليم؟

صرح وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل أن العام القادم سيكون مختلفا بالنسبة للتعليم السعودي وسيكون مميزا في نوعه وكمه.

تصريح خطير لا يقوى عليه إلا كل من يتصدى لمهمة حساسة مثل هذه المهمة عجز عنها أقوى الرجال وندعو لأميرنا الشجاع أن يوفقه الله لما وضعت القيادة ثقتها فيه وهو يستحق.

التعليم في بلادنا مسلوب وضائع...كلنا دون استثناء نشتكي من ذلك... ليس فقط بسبب الاختطاف الأيدلوجي كما يردد هذه الأيام (وهو أمر صحيح مائة بالمائة) بل أيضا لغياب الاستراتيجية التي تقود هذا التعليم لما يهدف إليه في خريجيه ولغياب فلسفة واضحة تحدد ماذا نريد من نواتج هذا التعليم وكيف يصبح كل المشاركين في هذا الصرح من مدراء وإداريين ومعلمين وأهالي وطلبة شركاء حقيقيين وكيف نحدد ونوجه الأهداف والرؤيا الجماعية لمسار تعليم يقود أكثر من خمسة ملايين طالب في التعليم العام ويقوده أكثر من نصف مليون معلم!!

وزارة التربية والتعليم تبدو وكأنها دولة بحد ذاتها تحتاج إلى قطاعات وشركات وأموال هائلة لإدارتها من غير أن تدار فقط كوزارة ضمن وزارات دولة بحجم السعودية.

هنا تكمن صعوبة هذه الوزارة: إنها تدخل كل بيت وتؤثر على كل تلميذ وتخلق أو (تخنق) مواطنا صالحا أو طالحا كما نراه اليوم.

نحن جميعا يجب أن نقف لمواجهة محنة التعليم.. لا يكفي أن نضرب أكفنا ونسطر المرثيات في حق تعليم بائد ومتخلف ومغتصب.. يجب علينا جميعا أن نقف ونصرخ بملء حناجرنا حتى نستعيد أبناءنا الذين هجروا أوكارهم الحميمة ليحتموا بأعشاش الشياطين التي ابتاعت لها أوكارا داخل كليات المعلمين ومن ثم إلى فصول أبنائنا عبر معلمين مدجنين ومناهج باهتة وأنشطة مؤدلجة قذفت بأبنائنا وأسرنا نحو فوهة الجحيم.

أنا أتكلم اليوم ليس فقط بصفة أستاذة الجامعة ولكن أكثر من خلال دوري كأم كان عليها أن تلعب كل الأدوار الممكنة لحماية صغارها من وهج الألغام التي كانت تترصدهم في كل مدرسة انتقلوا إليها.

لم أترك أحداً (وأنا أدرس في كلية التربية)ولم أسأله أين ترى أن أنقل أبنائي؟ ما المدرسة الجيدة التي توصي بها؟ صرفت وزوجي رواتبنا على المدراس الخاصة بحثا عن ملاذ أمين لأبنائنا من أعشاش الدبابير التي كانت تتوهج عبر بوابات مخيفة يمكن تلخيص بعضها في الآتي :

أما عبر بوابة التطرف الديني التي حولت أبناءنا إلى مشايخ صغار يحللون ويحرمون دون أن يفقهوا شيئا فأساءوا استخدام كل السلطات الاجتماعية والرسمية المتاحة لأن ما يتلقونه في الفصول لم يكن تعليما بل كان تخديرا وتجهيلا مؤدلجا إذ وبقدرة قادر أصبح مدرس الرياضيات فقيها ومفتيا وكذلك مدرس الجغرافيا والتاريخ والنصوص.. ومنذ ربع قرن وحتى الآن ظل أبناؤنا ومن سبقهم ومن سيأتي بعدهم لا يفكر إلا (هل قصة شعري قزع أو ما ذا سيحدث لي لو نتفت حواجبي) مما يثبت أن القوقعة الفكرية العقيمة والتسطيح والتفريغ للتعليم من المفاهيم العلمية الحقيقية جارية حتى اليوم!

البوابة الأخرى هي المخدرات التي انتشرت انتشار النار في الهشيم ولن نكذب على أنفسنا وأسالوا إدارة مكافحة المخدرات عن درجة ونوع الانتشار

http://www.alarabiya.net/articles/2012/05/26/216665.html

أو عبر بوابة التنمر أو قد يسمى في بعض الأدبيات بالاستئساد أي تعريض الأطفال أو التلاميذ الأضعف لعنف ووقاحة زملائهم ممن هم أكبر منهم دون أن تتخذ المدارس أو المعلمون أية خطوات إيجابية تحمي الأطفال من التدمير النفسي والعقلي اليومي الذي يتعرضون له خلال يومهم الشقي في سجون المدرسة

أو عبر بوابة الاستغلال الجنسي وخاصة في مدارس البنين حيث لا فكاك إلا أن توقظ أبناءك بصراحة مدروسة وتعلمهم كيف يكونون في حالة توجس ويقظة وحذر طوال اليوم بل أحيانا يجب أن يتحلوا بالصراحة والوقاحة التي يتطلبها الدفاع عن الذات دائما وأبدا ودون أي ذوق حتى يتعلم من حولهم أن لا مجال لدعوات قذرة تملاء للأسف مدارس البنين سواء كانت حكومية أو أهلية وربما أيضا في مدراس البنات والله أعلم المهم أن تعلم طفلك كيف يكون قويا في مواجهة تيار الفساد حتى لو تلبس بكل ألوان العفوية أو العلمية أو التطوع: كيف يتعلم الطفل أن يتجنب كل الدعوات القذرة التي قد تصل إليه. فكيف تنقذ أبناءك؟؟

هذا طبعا غير المركزية المريعة للنظام ككل والترهل الإدراي وغياب الرؤية والنموذج المتميز لمدارس ناجحة.

الغريب أن هناك عددا لا بأس به من المدارس الممتازة من النماذج العالمية المتميزة في نظامها الإدراي والتعليمي وفي الخدمات المقدمة للمتعلمين والمعلمين والأهالي تعيش بيننا منذ سنين لكننا لا نستعين بخبرتها لمعالجة مشاكلنا الكثيرة.. هناك مدارس الظهران التي كانت تحت إدارة شركة أرامكو وقد كانت تقدم نموذجا متقدما من التعليم ، هناك أيضا نماذج المدارس العالمية (غير الربحية) التي تشرف عليها وزارات البلدان التي أقامتها كما تخضع لنظام التقويم العالمي باعتبارها من المدارس المتميزة مثل المدرسة الأميركية في الرياض (اختصارها أيزار: امركيان انترناشينال سكول في الرياض) والتي تتبنى أحدث النظم التعليمية المتعارف عليها في القرن الواحد والعشرين سواء في مبانيها الحديثة أو فصولها أو طرق تدريب معلميها ممن هم على رأس العمل أو أنشطتها اللاصفية أو أقسامها وطرق إدارتها المالية والبشرية فلماذا لا نحاول الاستعانة بهذه النماذج القريبة جدا مع سعودة ما نحتاج للحفاظ على هوية هذه الأمة ولغتها؟

مقالات أخرى للكاتب