Tuesday 17/06/2014 Issue 15237 الثلاثاء 19 شعبان 1435 العدد
17-06-2014

بطالة السعوديين اختيارية وليست حقيقية

نشرت جريدة الاقتصادية يوم الأحد الماضي خبراً يقول: (في الوقت الذي أكدت فيه مصلحة الإحصاءات العامة أن معدل البطالة في السعودية وصل إلى 11.7 في المائة بنهاية عام 2013، شهد النصف الأول من عام 2014 طرح غرفة الرياض نحو 11751 وظيفة لم يتقدم لها من الجنسين إلا 1760 شابا وفتاة) .. كما جاء في الخبر أن الرواتب المعروضة تراوحت شهرياً بين أربعة آلاف وعشرة آلاف ريال؛ أي أنها كانت نسبيا رواتب معقولة، خاصة إذا ما قيست بالرواتب الحكومية.كما أنها شملت 70 منشأة من منشآت العمل الخاص. وشملت الوظائف مجالات متنوعة منها: (موظفو خط إنتاج، مسؤول حسابات، أمين صندوق، مهندسون، مسؤولو ومديرو معارض، باعة، مدخل بيانات، فني إلكترونيات، دعم فني، خدمة عملاء، محلل عمليات، تسويق، مراقب صحي، أخصائي شؤون موظفين، ميكانيكا إنتاج، مساعد فني، سكرتارية، استقبال، مراقب صحي، حارس أمن، سائق، كهرباء، لحام، تكييف وتبريد، وغيرها من الوظائف المتنوعة للجنسين)..

ماذا يعني هذا؟

هذا يعني أن البطالة في المملكة بين السعوديين هي بطالة في الغالب (وهمية) أو أنها اختيارية، المهم أنها ليست حقيقية، وهذه الأرقام تُثبت ما أقول؛ فلو أن نسبة البطالة المشار إليها في تقرير مصلحة الإحصاءات العامة حقيقية وملحة، لتقدم إلى هذه الوظائف أضعاف هذا العدد، وليس مجرد 15% من الوظائف المطلوب إشغالها.

وكنت أقول وأكرر: أن كل من يزور البلاد التي تزودنا بالعمالة، خاصة البلاد العربية منها، سيجد أن هناك من سيأتي ليعرض عليك مبلغاً من المال، قد يصل إلى خمسة أضعاف الحد الأعلى للراتب المشار إليه آنفاً، إذا وفرت له تأشيرة عمل للدخول إلى السوق السعودي؛ وكثير من هؤلاء إذا ما توفرت لهم الفرصة، ودخلوا إلى سوق العمل هنا، يتحولون خلال سنوات إلى أغنياء نسبياً، ليس بمقاييس بلادهم التي أتوا منها، وإنما بمقاييسنا نحن.

وفي ديسمبر من العام الماضي كانت لجنة خاصة تم تشكيلها من أعضاء مجلس الشورى لدراسة مشكلة البطالة خلصت إلى نتيجة تقول: إن (المملكة لا يوجد بها بطالة، بل أشخاص لا يتقبلون العمل وغير مؤهلين) ، ما أثار عليها ردود فعل غاضبة، خاصة من المرجفين والمزايدين ومن يبحثون عن النجومية، حتى من ضمن أعضاء مجلس الشورى أنفسهم؛ لتأتي هذه التجربة التي أتحدث عنها هنا، لتؤكد بالأرقام أن ما انتهت إليه لجنة مجلس الشورى كانت نتيجة صحيحة.

والسؤال الذي يطرحه السياق: إذا كانت التجارب المدعمة بالأرقام تثبت أن البطالة في بلادنا، خاصة بعد توفير الوظائف للعنصر النسائي، هي (وهمية) أو بلغة أدق (اختيارية) وليست حقيقية، فلماذا يتذمر الكثيرون من عدم وجود فرص عمل؟

أغلب من يبحثون عن عمل من السعوديين يبحثون عن عمل محدد سلفاً، ويجعلون له شروطاً لا تناسب في الغالب مؤهلاتهم وخبراتهم، ليصبح الحصول عل فرصة عمل في ظل هذه الشروط صعباً؛ وليس لدي أدنى شك أن الحاجة للعمل إذا كانت ملحة إلحاحاً حقيقياً، سيخضع العاطل عن العمل مضطراً لها، ليقتنص أي فرصة تلوح أمامه، ويُكيف نفسه مع شروطها، غير أن أغلبية السعوديين ممن يبحثون عن عمل، يبحثون عن عمل حسب رغباتهم، وليس لديهم في الغالب أي استعداد للتنازل عن هذه الرغبات غير الواقعية، و(ماهنا عجلة)، لذلك تجدهم غير جديين بما فيه الكفاية للبحث عن العمل، فيُعدون من ضمن أرقام البطالة نظرياً، في حين أن بطالتهم أقرب إلى أن تكون بطالة اختيارية وليست حقيقية؛ ولعل هذه التجربة التي أتحدث عنها هنا، والتخصصات المتعددة التي توفرها هذه الفرصة، بمثابة (جهيزة) التي قطعت قول كل خطيب؛ أما المتذمرون فأغلبهم انتقائيون، أو كسالى، أو أنهم مرجفون، أو أن بطالتهم غير حقيقية، وإنما اختيارية.

إلى اللقاء.

مقالات أخرى للكاتب