Wednesday 18/06/2014 Issue 15238 الاربعاء 20 شعبان 1435 العدد
18-06-2014

الإسراف في صناعة الطعام لأهل المتوفى

في السنوات الأخيرة تحوّلت صناعة الطعام لأهل المتوفى إلى خمس نجوم وأصبحت ليست مشاركة وجدانية لأن الوجدان تفاعله مع المواقف يجب أن يكون في ظل التأصيل الذي رسخه الهدي النبوي في الحديث الذي ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم) هذا الحديث يرسخ المشاركة الوجدانية في أعلى درجاتها من خلال التراحم والترابط بين المسلمين، فأحزانهم واحدة يحس بها الجميع ويتوحدون من أجلها، فالموت مصير لكل إنسان على ظهر هذه البسيطة (فكل ابن انثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول) كما قال الشاعر.

واليوم نشاهد الكثير من حالات الموت تقابل بأمر عادي فهيبة الموت غلبت عليها أساليب الترغيب في هذه الحياة ولاسيما الجوانب المادية، فموائد الطعام التي تقدم لأهل المتوفى وأقربائه أصبحت مترقبة من قبل بعض أهل المتوفى التي يترقبها أيضاً بعض (أصحاب العشتو) الذين تجدهم حاضرون في حفلات الزواجات والمناسبات، علماً بأن كثيراً من أهالي المتوفين لا يرغبون في تقديم الولائم لهم إنما حرصهم أكثر على الدعاء لهم، وهذا ما نلاحظه عندما تعرض عليهم في تحديد الوقت الذي يناسبهم في إحضار الطعام لهم تجدهم يقولون خلاص ما فيه مجال (الأوقات محجوزة) وهدفهم إغلاق الباب تماماً كذلك أيضاً ذهب الكثير من الأسر عدم تخصيص أيام للعزاء فقط يلتقي أهل المتوفى بالمعزين في أوقات الصلاة وهذا ما ذهب إليه الشيخ ابن عثمين -رحمة الله- الحريص على أمته لأنه شاهد ونقل إليه الكثير من التجاوزات التي لا تتفق مع الهدي النبوي وصحابته والسلف الصالح، خصوصاً في هذا الزمن الذي لم يتم توظيف سماحة هذا الدين في قنواته السوية عند البعض وتساهل الكثير في ذلك، فصناعة الطعام لأهل المتوفى هي صورة من صور المحبة والتآلف بين المسلمين ولكنها تم تشويهها بهذه التجاوزات التي تصب في الإسراف المنهي عنه لأن ما يتم تقديمه من موائد لأهل المتوفى تجاوز المألوف، حيث إن وجبة واحدة من الطعام تكفي لإطعام المئات وتذهب أخيراً إلى حاويات القمامة والزبالة -أعزكم الله- علماً بأن البعض من هذه المشاركات الوجدانية التي تقدم فيها هذه الأطعمة للمتوفى يبالغ في تقديم أصناف الطعام فيها، وكان يفترض إذا كان لا بد من ذلك يكون على قدر الحاجة ويتم الترتيب مع أهل المتوفى لأنه وصل الأمر أن يقدم الطعام لهم دون استشارتهم لمعرفة هل تم ارتباطهم مع أحد من قبل وهذا السلوك مناقض تماماً للهدي النبوي الذي ينبذ الإسراف بجميع أشكاله.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

- أمين مكتبة مكتب التربية العربي لدول الخليج سابقاً

مقالات أخرى للكاتب