Saturday 21/06/2014 Issue 15241 السبت 23 شعبان 1435 العدد
21-06-2014

رأس المال الرخيص لا يحفز الاستثمار

إذا كان الإفراط في المديونية هو المحفز للأزمة المالية، إذن لا يمكن للتسهيل الكمي أن يخفف السبب الجذري في حد ذاته، لكن الحكمة المستفادة هي أن المريض نجا من موت محتم، وتم تفادي الركود العالمي الطويل، وأصبحت الحاجة إلى إعادة تأهيل اقتصادي. في الواقع المرض الاقتصادي لا يزال بعيداً عن العلاج،

بسبب أن الأثرياء والمتقاعدين الذين يعيشون على الأصول بدلاً من الأجور عانوا ركوداً كبيراً بسبب أسعار الفائدة المقموعة التي ألحقت الضرر بالمدخرين لمدة خمس سنوات.

في المقابل أخفقت الأجور في مواكبة التضخم، واتسع عدم المساواة، وكان التضخم في أسعار الأصول صعباً بشكل خاص على الشباب، والناس الأشد فقراً خصوصاً بعد ارتفاع أسعار المنازل على نحو يجعلها بعيدة المنال. ويرى البعض أن سياسة التسهيل الكمي مثل سياسة أغنياء من أجل أغنياء آخرين، أو سياسيين لسياسيين، ونسي واضعوا السياسات أهمية جانب العرض - توريد رؤوس الأموال الاستثمارية والأصول التي سيستثمر فيها حتى يمكن العودة إلى النمو بشكل أسرع، ولايزال الاستثمار الحقيقي في بريطانيا عند 20 في المائة من ذروته قبل الأزمة المالية قبل خمس سنوات، مما أدى إلى تراجع جميع القطاعات الإنتاجية في بريطانيا.

تم استحداث وظائف جديدة، ولكنها منخفض الأجر ومنخفض الدرجة، ولكن لم ترتفع الاستثمارات كذلك، لقد أوجد المال السهل السيولة الرخيصة، وليس رأس المال المنتج بسبب أن المال الرخيص محصور في الميزانيات العمومية للشركات والبنوك المعرضة للانهيار، مما أضاف في الواقع إلى عدم الاستقرار الاقتصادي.

لقد دفع التسهيل الكمي ثمن الاستهلاك، ولم يدفع لرأس المال المنتج، مما تسبب في انتعاش غير متوازن، في بريطانيا الاستثمار في حالة ركود، ولم تكن هناك قفزة في الصادرات على الرغم من هبوط العملة، ولم يساعد الارتفاع الحاد في أسعار الواردات المنتجين المحليين، بسبب ركود الاستثمار الذي يحرك الإنتاجية.

لم تستفيد بريطانيا من أسعار الفائدة الرخيصة في تمويل الاستثمار الرأسمالي في البنية التحتية حسب نظرية كينز، وتشجيع استثمار الشركات والمؤسسات، ودفع الإصلاحات على جانب العرض حتى تتمكن بريطانيا من بناء سوق رأسمالية أعمق مثل الأسواق الرأسمالية القوية في الولايات المتحدة بدلاً من اعتماد بريطانيا على المصارف الكبيرة التي ينقصها رأس المال الكافي.

التسهيل الكمي لم يتعرض للعالم الواقعي بقدر تعرضه لشكل آخر من غير الواقعية، والعالم الواقعي هو عدم الدخول في المخاطر الخاطئة، وأن يتجنب الإفراط في المخاطر، وهذا لم يكن سياسة الاحتياطي الفيدرالي وبريطانيا واليابان اللتين أقدمتا على اتباع نفس النهج الأمريكي.

ما فعله التسهيل الكمي هو رفع أسعار الأصول بينما كان يفترض تجنب الإفراط في أسعار الأصول وأن يتجه بدلاً من ذلك الاحتياطي الفيدرالي إلى تعديل نمو الديون، لأن سبب الأزمة المالية هو الإفراط في الديون وخصوصا في ديون القطاع الخاص.

ولا تستطيع أداة واحدة أن تصيب هدفين معا وهما أسعار الأصول والأسعار الاستهلاكية، لأن المشكلة الأساسية هي في الديون المفرطة وأسعار الأصول العالية التي يجب التصدي لهما.

السمعة المعيارية لجميع القوانين التي اتخذت منذ حدوث الأزمة المالية تقريباً تكافئ تمويل الديون وتعاقب التمويل بحقوق الملكية، وكان يفترض التصدي للحوافز الضريبية مقابل الإفراط في الديون. وهناك مشكلة مع الجمود طويل الأمد الذي ينبغي التفكير فيه، ولعل أخطر أمر يمكن أن يصيب شركة ما هو أن تخسر حصتها السوقية نتيجة المبالغة في التسعير على المدى القصير، وعدم دخولها في الاستثمار بكثافة من أجل المستقبل. ما تم فعله هو صراع بين المصالح على المدى القصير والمصالح على المدى الطويل، سيكون هناك إسفين كبير بين تكلفة رأس المال وبين التكلفة الحقيقية لرأس المال، وبالتالي رأس المال الرخيص لا يحفز الاستثمار.

Dr_mahboob1@hotmail.com

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة

مقالات أخرى للكاتب