Saturday 21/06/2014 Issue 15241 السبت 23 شعبان 1435 العدد

جهود الأوفياء أو إهمال الآباء!

د. علي الحماد

بذل رجال الدفاع المدني في محاولتهم لاستخراج وإنقاذ الطفلة المرحومة التي سقطت في (بئر تبوك).. ونسأل الله أن يلهم أهلها الصبر والسلوان، وأن يجعلها شفيعة لهم إلى جنات النعيم.

وقد اطلعت كغيري على طرف يسير من جهود رجال الدفاع المدني، لاستدراك ما يمكن استدراكه، فشكلت اللجان، والسرايا، الضباط والأفراد، والمعدات والإمكانيات، وأصبح الموقع أشبه ما يكون بمجمع شركة ضخمة بكامل طواقمها ومعداتها.. ووالله إن الذي أطلعنا عليه من الاستعدادات والإمكانيات التي سخّرت والرجال، والجهود التي بذلت من جميع أجهزة الدولة أقرب ما تكون لمشاريع شق الأنفاق والكباري في الجبال لإقامة الطرق السريعة، وطرق القطارات...

هذه لمسة وفاء لرجال الدفاع المدني، الذين ربما تنقصهم الخبرات، وعدم خوض عمار الحروب، والكوارث الطبيعية، ولكنهم يعوضونها بعقيدة إسلامية ترنوا إلى احتساب الأجر في إنقاذ الأنفس البشرية، يحدوها بذلك الوعد الرباني العظيم {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} يحدوهم فضل إغاثة الملهوف، وتفريج المكروب، يحدوهم شيم الرجال ونخوتهم، يحدوهم إنقاذ الأنفس الزكية، والمهج الشفافة البريه، ثم بعد هذا الجهد المضني نسمع من يلوم، ويعاتب الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، بأنها قصّرت!! وأنا والله لا أُدافع عن أحد، وليس لي مصلحة أُدِلُّ بها لذات، أو جهات، وإنما شهادة أُدلي بها وأسأل عنها أمام الله: {وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}.. ثم أليس من الواجب على كل ولي أمر أن يحفظ أطفاله ويرعاهم، فهل سبب سقوط الفتاة (غفر الله لها).. هو إهمال ردم هذه الآبار؟ أم هو إهمال ولي أمرها؟ ثم هل ولي أمرها يسلم من طائلة المحاسبة، وتحمل جزء كبير من الخطأ؟ ثم هل ردم الآبار مهمة الدفاع المدني أم غيره من أجهزة الدولة كوزارة الزراعة وغيرها؟.. ثم هل المخاطر متوقفة على الآبار المكشوفه فقط؟ هناك آبار، وهناك سكة قطار، وهناك طرق سيارات، وهناك منزلقات, ومرتفعات, وجبال شاهقة، هناك أخطار السيارات، والمعدات، والملاهي، وهناك وهناك وهناك..

فيا ليت مثل هذه القضايا التي سارت بها الركبان في وسائل الإعلام، يا ليت أن يصدر بها بيان يوضح من كان السبب، ومن هو المهمل المقصر، ونسبة الخطأ المقدرة شرعاً التي ينبني عليها الكفارة أو الدية وغيرها. وهكذا.. حفظ الله بلادنا، ورعايانا من كل مكروه.. والسلام عليكم.

- الرياض