Sunday 22/06/2014 Issue 15242 الأحد 24 شعبان 1435 العدد
22-06-2014

هل التعليم أساس التطور؟

هناك قناعة وشبه إجماع من لدن الكثيرين بأن التعليم هو أساس نهضة الأمم ولذلك تصرف الدول جزء كبير من ميزانياتها على التعليم، وفي دول مثل بلادنا وصل الإنفاق على التعليم ربع ميزانية الدولة، كأحد الدول الأكثر إنفاقاً على التعليم، كنسبة إلى مصروفاتها.

ربما لا أستطيع مخالفة ذلك الرأي، سيما وأنا أحد المنتمين للقطاع التعليمي، لكنني أميل إلى أن التعليم وبكل أهميته ليس كل شيء، وربما أضعه في المركز الثاني أو الثالث في الأهمية في تطور الأمم. أو أعيد صياغة الجملة بالقول بأن التعليم مهم، لكنه تميزه وحصول الاستفادة منه ستأتي لاحقاً بعد إصلاحات أهم وأكثر أهمية.

لتوضيح الفكرة أريد أن نتأمل الفروقات بين دولتين مثل مصر وتركيا. مصر بلد يمتليء بالمتعلمين، ونقيس التعليم هنا بالشهادات الجامعية ومافوقها، فتحت الأبواب فيها لأكبر عدد من الشباب من الجنسين لدخول الجامعات ورغم كل ذلك هي تراواح مكانها إن لم تزداد تأخراً على مدى عقود من الزمن. في المقابل تركيا وخلال فترة أقل زمنياً تتطور على مختلف الصعد بما فيها المجال التعليمي والبحثي، رغم أن عدد المتعلمين خريجي الجامعات فيها لم يصل إلى ما وصلت إليه مصر.

تركيا ومثلها ماليزيا وسنغافورة وغيرها من الدول التي حدث بها تطور كبير في العقود الأخيرة، لا شك أصلحت نظمها التعليمية ولكن قبل ذلك أصلحت نظمها الإدارية والاقتصادية. التعليم لم يكن العنصر الأول، بل العنصر الثالث من وجهة نظري. قيمة التعليم الجامعي بتلك الدول أرتفعت، رغم أنهم يصرفون عليه أقل مما نصرفه و الحصول عليه ليس متاحاً للجميع. هذا يؤكد أن العبرة ليست بالكم والمصروف. لذلك لست أراه قيمة كبرى أن نصرف ربع ميزانتنا على التعليم وفي النهاية كل ما نحصل عليه هو شهادات لم تقود إلى التطور التنموي والحضاري الذي ننشده!

لا أعتقد أننا بحاجة إلى عشرات أو مئات المليارات ليتم إصلاح النظام الإداري ووضع نظام اقتصادي حديث في البلاد. إيجاد المحاسبية والفصل بين التنفيذي والرقابي وتقليص حجم البيروقراطية الحكومية وإقرار مبادي الكفاءة والعدالة في التنمية وفي التوظيف وغيرها من التغييرات ذات العلاقة بالتطوير الإداري، تحتاج الإرادة أكثر من حاجتها للمال.

أما النظام الاقتصادي، فليسمح لي الاقتصاديين بالقول أنني لا أعرف ماهو نوع النظام الاقتصادي لدينا وهل يتجاوز مجرد النظام الرعوي البسيط المتمثل في توزيع الثروة التي وهبنا الله إياها في شكل رواتب ومشاريع ومشتريات تقدم للناس مباشرة أو للجهات التي تقدم لهم الخدمات. لا يوجد لدينا رؤية واضحة في التخصيص أو مشاركة المواطن أو في التحول إلى الإنتاجية بدلاً من الاستهلاك.

أعود للتعليم ذاته، وأقول إن فشله رغم كميته وما يصرف عليه عائد لافتقاده النظام الإداري والإطار الاقتصادي الذي يحكمه. لا يوجد لدينا أي فلسفة اقتصادية واضحة للجامعة أو المؤسسة التعليمية السعودية ولا فلسفة إدارية تحكمها المحاسبـية والشفافية والمشاركة والتنافسية والقيمة الإنتاجية وغيرها من المعايير.

وهذا يجعلني قلقاً أن السير في فلسفة النفقات الضخمة للتعليم دون إصلاح إداري وإصلاح اقتصادي يسبقانه، لن يقودنا إلى أكثر من تخريج أرتال من البشر الذين يدخلونا في مزيد من المتاهات المزمنة المتمثلة في البطالة والتضخم الحكومي وعدم الرضا عن مستوى الأداء في مختلف القطاعات.

الخلاصة -التي تفرضها مساحة المقال- ودون أن أصيب المتحمسين لمشاريع إصلاح التعليم بمختلف مستوياته بالإحباط، أعتقد أن الإصلاح الإداري والإصلاح الاقتصادي هو الأهم ثم أو سيتبعه إصلاح أو تطوير التعليم ومخرجاته.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب