Wednesday 25/06/2014 Issue 15245 الاربعاء 27 شعبان 1435 العدد
25-06-2014

وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً

الأخبار المتتالية بجانب أحداث الساعة، ومستجدات العصر دفعتني صوب كتب قرأتها سابقاً، تطرّقت للذي استجد في العصر!!

- كتاب (انتحار المثقفين العرب) لـ د. محمد جابر الأنصاري.

- كتاب (لغة الذات والحداثة الدائمة) لـ إبراهيم العريس.

- وما أشار إليه الفيلسوف الهندي (أوشو) أن نسبة المنتحرين بين المعالجين والمحلّلين النفسيين أكبر منها عند أصحاب المهن الأخرى.

- فهل آخر العلاج الانتحار؟.. والعصر في تطوره تتطور العلاجات! ما مدى ارتباط الانتحار بمنظومة الفشل، والإحباط، والعجز، والفقر، والظلم، أو شعور المبدع أنه بلغ قمة النجاح والبقاء دون صعود تراجع في منظومته الفكرية؟

من بين محاولات الانتحار التي تناولتها وسائل الإعلام محاولة سعودي نال براءة اختراع في عام 2004م لكن تدني وضعه المادي وضعف إمكانياته أمام إحباطات متتالية حرضته على محاولة الانتحار أو التهديد به، ربما بهدف إثارة الرأي العام وإرسال شفرات للجهات المعنية عندما وجد أنها لم تحرك ساكناً يمكن أن ينتشله من حالٍ إلى آخر أفضل منه وهو العقل المتحرك النامي لا المتقوقع الساكن..!!

تتالت في الصحف قضايا الانتحار! فهل لتوهموهم أنه آخر العلاج، التوهم القاصر، العقيم، وإن صدر عن مبدعين أو مثقفين وأدباء قد نلتمس للدوافع العذر دون أن نلتمسه لهم.

عُرِفَ الانتحار - أنه التصرف المتعمد من قبل شخص ما لإنهاء حياته. ويرى آخرون أنه قتل النفس تخلصاً من الحياة، وقد اختلفت الآراء حول الانتحار هل يعكس شجاعة الشخص المنتحر أم جبنه وانعكاس فشله وعدم الحاجة لاستمرار حياته..؟!

بعض الشعوب لديها رمزية خالصة للانتحار كما هو عند اليابانيين. في حين يحرّم الإسلام قتل النفس بأي حال من الأحوال، ويشير إلى أن حياة الإنسان ليست ملكاً له وبالتالي لا يجوز التحكم بها من قبله.. {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً..} «النساء29».

وكما تكفّل الإسلام بقضية الانتحار وقتل النفس تولى علم النفس وعلم الاجتماع تلك القضية وانحاز لأجل دراستها من كافة جوانبها وأبعادها أو دوافعها، وبالتالي أعطيت النفس البشرية الاهتمام الذي يفترض منحه لها حال سلامتها النفسية والفكرية والصحية بأن ينظر في وضع الفرد المادي والأسري والوظيفي كي لا تسوّل له نفسه يوماً ما في إزهاق الروح أو نزعها من جسد مسلوب الإرادة.

عندما نحاول فهم دوافع المنتحر، لا بد أن نضع في الاعتبار أن معظم المنتحرين مدفوعون بسيل من العواطف القوية لا بأفكار عقلية أو فلسفية، تزن المصالح والمساوئ في نقد وتقييم الذات. ولا أظن أن عالماً درس هذه المشاعر والحالة النفسية للمنتحر في مجال علم النفس أفضل من روي باوميستير في مقالته المنشورة عام 2004 «الانتحار كهروب من الذات». روي يعطينا تفاصيل مميزة عن الحالة الذاتية التي تأسر الشخص المنتحر.

وفقاً لروي، هنالك ست خطوات أساسية لنظرية الهروب من الذات، والتي قد تنتهي بالانتحار. معرفتنا بمشاعر المنتحر قد تساعدنا على متابعة ذواتنا ومن حولنا في حالة ظهور بعض أعراض الهروب من الذات، والذي قد يحمينا ويحمي من نحب. ولا ننسى أن كثيراً من المنتحرين ليسوا واعين بحقيقة أنهم يتجهون بهذا الاتجاه، لا سيما في المظاهر الشعورية المبكرة. وإن حصل واكتملت المراحل بدون مقاومة ووعي بها، فقد يكون محاولة منع المنتحر من الخطوة الأخيرة أشبه بطلب التوقف عن الوصول للنشوة الجنسية ممن أوشك على ذلك (والذي يسمى أحياناً بالموت الصغير).

1 - عدم بلوغ التوقّعات. 2 - لوم الذات. 3 - الوعي العالي بالذات. 4 - المشاعر السلبية. 5 - تفكك المعرفة والإدراك. 6 - فقدان السيطرة.

الكتب في تعرضها لانتحار المثقفين والمبدعين وعلماء النفس تشير إلى دوافع ومبررات تطرق لها المنتحر قبل أن يقدم على تصرفه، قد نشعر أحياناً بتعاطف معه لكنه ليس التعاطف الذي يسانده في طرق باب آخر العلاج، بل يُعاب هذا التصرّف على الفرد الواعي فكيف وهو مثقف ومبدع ومخترع أو معالج ومحلّل نفسي فشل في أن يعالج أو يحلّل نفسه فلجأ إلى الانتحار مما أفقد الأشخاص ثقتهم في المعالجين أو المحلّلين النفسيين وفي المثقفين والمبدعين والحكام أو الرؤساء وهم من يشار إليهم كـ متنورين!!

نكافح، نجاهد، نبارز في سبيل الاحتفاظ بالحياة بأن نوجد الحلول أو نبحث عن الحلول لمتاعبنا النفسية والمكدرات أو المنغصات رغبة في تجدد الروح فينا بتنقيتها من الشوائب وتشذيب الذابل من الأغصان والأوراق فينا.. نجتهد ونبحث ونجد في تأسيس منهج حياتنا وتكريس اسم لنا في خارطة الحياة يبقى ويستمر ما استمر الكون يمارس أوامر الله فهل إذا تأسست جذور شركة إنتاجنا لأنفسنا وصعدت أغصانها باتجاه الأفق أو كرسنا اسمنا نشطب على كل ذلك بالانتحار!!

كتاب الدكتور محمد جابر الأنصاري قمين بالقراءة وقد عدّه (رجاء النقاش) من أعمق وأجمل الكتب التي صدرت «زمن صدوره» لواحد من أكبر المفكرين العرب المعاصرين وقد تعرض للانتحار ولقضايا راهنة في الثقافة العربية، كذلك كتاب إبراهيم العريس وقد فلسف الأشياء بأسلوبه الذي يشدني وأزعم أنه سيشد القارئ الجاد أيضاً. لثلة من المنتحرين فلسفة خاصة بلغوها قبل نية الانتحار لكنها النية التي تقف دونها كافة الأديان..!!

bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443

Twitter: @HudALMoajil

مقالات أخرى للكاتب