Wednesday 25/06/2014 Issue 15245 الاربعاء 27 شعبان 1435 العدد
25-06-2014

الأدلجة العدو القادم

منذ أن بدأت حضوري بتويتر وأنا أهتم بتتبع شخصيات لها شهرة واسعة بين الناس ويتبع تغريداتهم الآلاف ومعظم هذه الشخصيات اشتهر بكونه واعظا أو داعية ومفتيا بالشؤون الدينية، وهناك منهم رواد فكر وطروحات جدلية يتجاذبون الحوار والجدل في الدين والسياسة والاقتصاد، وخلال هذه الفترة التي دامت ثلاثة أعوام، استطعت أن ألخص لنفسي المحتوى الفكري لبعض هذه الشخصيات وبناء على ذلك أصبحت أتتبع نخبا من متابعيهم وضعت المتابعين في مجموعات فكرية حسب ما يبدو لي، فهناك مجموعة المتدبرين والذين يناقشون ويحاجون ويستثرون من نقاش ذوي الفكر والمعرفة وهناك فئة المنقادين والذين عزموا أمرهم على اتباع شخصية معينة وباتوا لها تبعا في كل قول، وهناك فئة المتقلبين وهم فئة تستهوي مقولات محددة لها مضمون فكري لشخصية ما ثم ما تلبث أن تنقلب على تلك الشخصية إذا ما استهواها مقال فكري لشخصية أخرى، وهناك السارحون في فضاء تويتر بلا دليل فتارة يتدينون وتارة يتغزلون وتارة يستغفرون، وأنا أجزم أن كل من الشخصيات التي أتتبعها لديه تصنيف معين لمن يتابعه ومن يتابع غيره.

المقدمة ليست هي الموضوع بل هي تمهيد لازم، فمنذ أن انطلقت شرارات الربيع العربي وتويتر هو الفضاء الذي تمتع الجميع بحرية استخدامه وأقصد بالجميع ذوي الطموحات السياسية وذوي الطروحات الفكرية وذوي المقاصد العقدية، وبات تويتر هو المنتدى الهائل الذي يضم مثقفي العرب بكافة توجهاتهم وعامتهم بكافة ولاءاتهم، فمن لديه حساب يتابعه فيه أكثر من 500 الف متابع فهو يملك تأثيرا يتجاوز تأثير أكثر الصحف العربية توزيعاً، واليوم وبعد أن تتابعت الأحداث في المجال العربي وتفاوتت طموحات الناس بين الأقطاب وبات المعترك السياسي أكثر دموية مما مضى عاد ذوو الطموحات والمقاصد مرة أخرى إلى تويتر، ولكن هذه المرة ليس لتأليب الناس وطرح عبارات ثورية بل لنشاط أكثر ذكاء وحنكة، هذه النشاط يقوم على عنصر الأدلجة وهو صياغة قوالب فكرية ترتكز على مسلمات تاريخية وعقدية بحيث تصبح هذه القوالب أوعية تشحن برغبات المؤدلج التي تأسر المريدين، وبات هناك شخصيات بارزة في هذه المجال وتتبع تكتيك يقوم على العداء المعلن إما لمذهب مختلف أو وسيلة إعلامية معروفة أو فئة فكرية أو شخصية سياسية، وهذه الشخصيات تنشط تغريداتهم في أوقات محددة حيث يستشعرون حضور مريديهم، ولهم تكتيك آخر في اكتساب المريدين يقوم على إعادة تغريدات مناوئيهم أو مخالفيهم في صورة استقطاب واضح للمريدين وشحن المريدين للانتقاص من المخالف، وبهذا تتعزز الولاءات لهم ويستأسر المريدين بمواقفهم من المخالفين.

هؤلاء المؤدلجون لهم أهداف محددة من أدلجة المتابعين في تويتر، فلا زالت لهم أطماع في سلطة أو تأثير ومنهم من يتكسب بهذا التأثير في تجارة المواقف السياسية، أو يروج لتوجهات فكرية ومذهبية، دون أن يكون لهؤلاء مقاصد بناء لحمة وطنية، فهم أرباب فرقة بها يتكسبون ومنها يتصنعون، واليوم ومع تزايد الاستقطاب المذهبي والسياسي بات لهؤلاء المؤدلجين وزن لدى بعض الأنظمة المغرضة والتي تحقق من خلالهم نواياها في تمزيق اللحمة الوطنية، لذا لابد للمجتمع أن ينتبه لهؤلاء وأن يفوت عليهم الفرصة في تحقيق مآربهم.

mindsbeat@mail.com

Twitter @mmabalkhail

مقالات أخرى للكاتب