Friday 27/06/2014 Issue 15247 الجمعة 29 شعبان 1435 العدد
27-06-2014

رمضان .. وجشع التجار

لشهر رمضان ميزة خاصة لدى المسلمين، فهذا الشهر هو للعبادة، والروحانيات، وصلة الرحم، وللفقراء والمساكين، وهو محطة لتجديد الإيمان، والبناء النفسي للأفراد والمجتمع، وقسط راحة من هموم الدنيا وعنائها، وهو شهر الخير والبركة والفضيلة، وليس شهراً للتبذير والاستهلاك، والانفعال والاستعجال والتفاخر.

قال تعالى {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}. إن الإنفاق السليم وتوفير المواد الرمضانية الأساسية للأسر المحتاجة مجاناً، أو بأسعار رمزية من خلال الأفراد أو الأغنياء، أو الجمعيات الخيرية في هذا الشهر الكريم، سوف يخفف العبء عليهم، وبذلك يكون الشهر الكريم يسيراً على الجميع، خصوصاً ذوي الدخل المحدود والمحتاجين.

لكن هناك بعض التجار من يخطط إلى كيفية استغلال شهر رمضان استغلالاً غير لائق بروحانية هذا الشهر، حيث يقومون برفع الأسعار، واحتكار السلع، والتحكم بها، دون أي أحساس أو شعور ديني أو رهبة من خالق، فهم يكنزون كل العام، ولا يملكون أن يتصدقوا وأن ييسروا على الناس في هذا الشهر الكريم.

لقد صدمنا عندما سمعنا بأن بعضاً من رجال الأعمال بدأ يبالغ من احتمالية ارتفاع الأسعار في سلع المواد الغذائية الأساسية بنسبة 300%، وذلك خلال قدوم شهر رمضان المبارك، وكأنهم بذلك يمهدون لرفع الأسعار مسبقاً، ولا يعيرون اهتماماً بمؤسسات الرقابة، وحماية المستهلك ووزارة التجارة.

هناك جهد حكومي يبذل من قبل الدولة - أعزها الله - لكن للأسف ما زال البعض يؤكد بأن الأمور خاضعة ليس لسلطان الرقابة والقانون، وإنما لسلطان العلاقات، والدفع الشهري المسبق، فهذه الظاهرة تحتاج إلى معالجة حاسمة، قبل أن نصحو ذات يوم على كارثة إنسانية، أمام التهاون الكبير فيما يخص قوت المواطن، وهل من جهة رسمية حازمة تقف أمام هذا الغلو وهذا التضخم والمبالغة في الأسعار والاستغلال البشع لشهر رمضان المبارك؟!

كيف يستوي رفع الأسعار الجنوني مع الجانب الخيري والإنساني؟ فإذا ما تابعت مسيرة بعض التجار تراهم في شهر رمضان يذهبون إلى مكة، ويتكفلون بإطعام الصائمين، وتجدهم يحرصون على البقاء في مكة إلى جانب الحرم المكي خاصة في العشر الأواخر من كل رمضان، ويرعون الاحتفالات الدينية ويقدمون الجوائز، لكنهم لا يتوانون عن رفع الأسعار أضعافاً مضاعفة، واستيراد مواد غذائية، ومجمدات منتهية الصلاحية، دون خوف من الله.

إن ارتفاع الأسعار لا يشمل فقط المواد الغذائية، وإنما يشمل المواد الاستهلاكية الأخرى، في ظل غياب الرقابة القانونية، وضبط الأسعار دون أن يدرك بعض التجار أن أعمالهم تسيء للوطن والمواطن. لذا نطالب جميع الجهات المعنية أن تكثف الدوريات، والحملات على جميع مراكز الأسواق، والمخازن والمجمدات، والمتاجر الكبيرة والصغيرة وإغلاقها، وتحرير مخالفات بحق المخالفين في مضاعفة الأسعار.

وعلى الجهات المعنية إصدار نشرات أسعار خاصة بشهر رمضان، وإعداد برامج توعية للمواطنين، وترشيدهم وفق حاجاتهم الفعلية، وتوفير جميع السلع والمواد طيلة موسم رمضان بأسعار مقبولة، ونوعية جيدة،‏ والاعتماد على أساليب جديدة للرقابة الذكية، تعتمد على استخدام التقنيات العالية في الاتصال والمتابعة، والتحري عن المعلومات، والكشف عليها بسهولة. ومن المفيد اقترح أن يحصل المراقب التمويني على نسبة معينة من قيمة المضبوطات التي يضبطها لجعله يعمل بنزاهة.

وعلى وزارة التجارة وهيئة حماية المستهلك توفير نقاط بيع في جميع إنحاء البلاد عبر إقامة المجمعات الاستهلاكية، والأسواق الشعبية، وذلك لتشجيع المواطنين على الشراء بأسعار معتدلة تناسب مع جميع فئات المجتمع، ضمن آلية تعتمد على تكليف دوريات رقابية، لمنع أي تغيرات على الأسعار، وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على أي مصلحة كانت، وذلك استجابة لنداء خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله - الذي طالب فيه الجميع بالاهتمام بالمواطن ومحاسبة المسئول!!...

Ahmed9674@hotmail.com

مستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية

مقالات أخرى للكاتب