Wednesday 02/07/2014 Issue 15252 الاربعاء 04 رمضان 1435 العدد
02-07-2014

سياحة ناظرني وأناظرك

مشكلة السعوديين بشكل خاص، والخليجيين بشكل عام، أنهم في العطل والإجازات تبدأ طائرتهم بالتحلق إلى وجهات محددة ودول معينة، وفي تلك الدول يتجمعون أيضًا في مقاهي ومحلات وشوارع عندما تذهب إليها تشعر أنك داخل دولة خليجية مع أنك في دولة أوروبية أو ولاية أميركية، وذلك من كثرة عدد رواد أهل بلادنا لهذه المواقع. أعلم تمامًا أن الحِرمان «التام» من رؤية الناس لبعضهم بعضًا داخل البلاد هو ما يجعلهم يتجمعون في مواقع محددة، وكم سمعنا ونحن نقضي إجازاتنا في الخارج جملة «هذا المكان كله سعوديين» أو مكان خاص بـ»ناظرني وأناظرك». هذا الوضع انعكس على عاداتنا السياحية سِلبًا، وأثّر على أهم ركيزة سياحية ألا وهي «الاكتشاف» الذي لا يهواه -بعضهم- ويكتفي بالأماكن التي تم إرشاده لها، الخوف من المجهول في رأيي الشخصي هو أحد أسباب هذه الظاهرة، أقول هذا وأنا أكتب هذا المقال من أحد الدول الأوروبية التي لا يمكن أن ترى في شوارعها ولا مقاهيها سعودي واحد، بل ومن النادر أن تلتقي بعربي، لن أذكر اسم هذه الدولة حتى لا أُتهم بالترويج الإعلاني إنما أكتفي بالإفصاح عن متعة الاكتشاف، في هذا المقهى الذي أجلس به الآن تقابلني مجموعة من اليخوت الفخمة المتكئة على جانب الميناء، هذا المشهد ذكرني بمدينة (ماربيا) الإسبانية التي زرتها قبل سنوات، مع الفرق لصالح المدينة التي أنا بها الآن من كل النواحي -الشكل والناس والجودة والأسعار- أتذكر وأنا بماربيا أمشي وكأنني في السعودية مع فارق الهندام والشكل العام، التقيت في تلك الزيارة صدفة بمجموعة صديقات يترددن على هذه المدينة كل عام وكانت زيارتي الأولى لها، فسألوني عن الأماكن التي زرتها فوجدتهن لا يعرفنها، الفارق بيني وبينهن هو حب الاكتشاف، في حين أنهن يكتفين بزيارة نفس الأماكن التي اعتدن عليها، والجلوس في الأماكن التي يلتقون بها بوجوه خليجية مألوفة، لأن وجوه الجنسيات الأخرى قد لا تكون مهمة لدى محبي هذا النوع من الرحلات.

في الأيام القليلة الماضية خرج مسؤول لبناني يلوّح باحتمال فرض تأشيرة سياحية على السعوديين الراغبين بالسفر إلى لبنان، من حق كل دولة فرض ما تريد طالما هو لصالح أمنها الوطني، وبشكل عام فإن السعوديين لم يعودوا يسافرون إلى لبنان بتلك الكثافة التي كانت قبل الربيع العربي، لكنني متأكدة أنهم لو غيروا عاداتهم السياحية فلن يُفكروا بالذهاب إلى تلك الدولة وغيرها، فبغض النظر عن كل الاعتبارات السياسية والأمنية لا ننسى النصب والاحتيال ورفع الأسعار على الخليجيين بشكل خاص والتعامل غير المحترم من قِبل -بعض- الأشخاص، ولو تم ترك وهجران تلك الدول لتغيرت نظرتهم للسائح السعودي، ولوضعت لحضوره إليها اعتبارًا وأهمية.

أنا فقط وفي هذه الإجازة التي ستبدأ لأغلب المسافرين مع بداية عيد الفطر السعيد، أدعوكم للبحث والاكتشاف والسفر إلى دول جديدة ورؤية وجوه وثقافات مختلفة، فهكذا تبدو متعة السفر، وعدا ذلك فهو خسارة وتضييع وقت لا أكثر.. وكل عام وأنتم مع كل إجازة بخير.

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب