Monday 07/07/2014 Issue 15257 الأثنين 09 رمضان 1435 العدد
07-07-2014

سيناريو تقسيم العراق

إن الصراع بين الشيعة والسنة في العراق أصبح حرباً أهليةً، فكل طائفة تتهم الأخرى بالكفر على الرغم أنهما تعايشا مع بعضهما البعض لقرون طويلة وبينهما أواصر نسب، وكلتا الطائفتين شاركتا في مقاومة الاستعمار البريطاني ومحاربته جنباً إلى جنب وحصل العراق على الاستقلال. والاستعمار البريطاني هو المؤسس لفكرة استعمال الهوية في رسم الحدود الوهمية على الخريطة، ومن ثم تسليمها للطوائف المختلفة لتطبيقها على الأرض ليحكم قبضته على الموارد الاقتصادية طبقاً لنظرية فرق تسد، فاحتياطي النفط في العراق معظمه يقع في منطقتين: إحداهما المنطقة الكردية في الشمال العراقي، والأخرى المنطقة الشيعية في الجنوب، بينما المنطقة السنية الواقعة إلى الغرب والشمال الغربي تكاد تكون خالية من النفط، لذلك فإن الطائفة السنية تطالب بحكومة مركزية قوية وتدعو إلى توزيع عادل للثروة النفطية في العراق، وتعارض تقسيم العراق بخطوط فدرالية، وفكرة تقسيم العراق الحديث ليست وليدة اليوم، وإنما فكرة نشأت خلال حرب الخليج الأولى حيث قامت كل من أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا برسم خطين على خريطة العراق فانقسمت إلى ثلاث مناطق: المنطقة الوسطى تسكنها الطائفة السنية ومنها الرئيس العراقي صدام حسين الذي مُنع من استخدام طيرانه المروحي في هذه المنطقة لأنها جُعلت منطقة حظر جوي، وإلى الشمال والجنوب من منطقة الحظر الجوي تقع مناطق الأكراد والشيعة.

وبعد سقوط النظام العراقي خلال حرب الخليج الثانية أصبحت ثقافة التقسيم بصمة حملها الجيل العراقي. فاليوم نشاهد تنظيم داعش يعلن تأسيس دولة إسلامية في العراق والشام في المنطقة التي كانت تسمى منطقة الحظر الجوي. كما نشاهد التطور في تكنولوجيا السلاح الجوي يواكبه تطور في الموقف البريطاني الأمريكي من خلال دعواهم المستحدثة بالوقوف على مسافة واحدة من الطوائف والمذاهب في ظل صراع متوازن بين القوى على الأرض، واختلال التوازن يبرر استعمال السلاح الحديث عن طريق اختيار أهداف حيوية مؤثرة وتدميرها بواسطة صواريخ تحملها طائرات بدون طيار يتم التحكم بها عبر القارات، فالسلاح الحديث يلغي الحاجة لتواجد قوات لحفظ التوازن على الأرض (استعمارية) كما كان في السابق، وتدمير الأهداف بفعالية يحتاج فحسب إلى وجود آذان وعيون على الأرض لجمع المعلومات الأساسية عن الأهداف الحيوية اللازم تدميرها بين الحين والآخر للمحافظة على التوازن بين القوى المتصارعة، ولذلك رغبت السياسة البريطانية الأمريكية أن تكون المنطقة الكردية مكان تواجد المستشارين الغربيين للأسباب التالية، أولاً: منطقة مستقرة مقارنة مع باقي مناطق العراق وفيها مطار آمن يمكن حمايته، ثانياً: الحكومة الكردية سترحب بقدوم المستشارين، مقابل اعتراف بريطانيا وأمريكا بحدود الدولة الكردية الجديدة التي دافعت عنها، بعد هروب الجيش العراقي منها، أمام هجمات داعش وثوار السنة، ثالثاً: اعتراف بريطانيا وأمريكا بملكية الشعب الكردي لاحتياط النفط الذي يقع في أراضيه مقابل استمرار تصدير النفط منه إلى إسرائيل، والتي أيضاً تبحث عن سماء متاخمة للسماء الإيرانية لتحقيق مخططها بشأن مخاوفها من البرنامج النووي الإيراني.

والخلاصة إن التوازن بين القوى الطائفية هدف تسعى إلية كل من أمريكا وبريطانيا من خلال الضربات الجوية بدون طيار، بحيث لا تنتصر طائفة على أخرى، وبالتالي يبقى الصراع الطائفي على الأرض في حالة توازن دائم.

khalid.alheji@gmail.com

Twitter@khalialheji

مقالات أخرى للكاتب