Tuesday 08/07/2014 Issue 15258 الثلاثاء 10 رمضان 1435 العدد

الواسطة التي قتلت فينا الطموح

سليمان بن علي النهابي

اعتاد الناس على الواسطة في كل الاتجاهات، واعتمدوا عليها اعتمادا كليا في سائر معاملاتهم، فلا يمكن لإنسان أن يدخل جهة حكومية أو مؤسسة اجتماعية إلا ويبحث عن شخص يعمل فيها ليساعده أو يسهل أموره، لقد تفشت فينا الواسطة وسرت بين دهاليز الأجهزة الحكومية وغير الحكومية وأصبحنا لا نستطيع السير في داخل تلك الأجهزة معتمدين على نظام يحكم سير معاملاتنا بالعدل والإنصاف، وكأننا نصر إصرارا كاملا على أن نحصل على ما نريد بالقوة والقسر حتى وإن لم يكن الحق لنا، أما لماذا تفشت الواسطة في دوائرنا وأجهزتنا ومؤسساتنا الاجتماعية فإن هناك أموراكثيرة، وأسبابا عديدة جعلتها تتفشى وتنتشر منها أن الناس لديهم أزمة ثقة في تلك الجهات والمؤسسات وأن الخدمات التي تقدمها لا تقدمها إلا للمعارف ومن لهم علاقة بمنسوبي تلك الجهات والمؤسسات العامة, تحدثت ذات مرة مع شاب أراد أن يتقدم لوظيفة في إحدى الجهات، وقلت له لماذا لا تتقدم للجهة الفلانية فقد أعلنوا عن وظائف لديهم، فأجابني على الفور هذه الوظائف محسوم أمرها أنها قد ذهبت لمن لديهم كروت الواسطة وهذا هو ديدن الكثير من الجهات والمؤسسات تعلن عن الوظائف وتضع المواصفات والشروط لأناس لهم محسوبيات لدى تلك الجهات.

أستغرب أن تتفشى تلك النظريات بين الناس فمن نقلها إلى أوساط المجتمع، ومن رسخ تلك النظريات في أذهان العامة والخاصة، لقد تفشت الواسطة منذ زمن طويل وخرجت أجيال تلو الأجيال لترى أن الواسطة أضحت قاعدة عامة وسلوكا قائما في المجتمع تنخر في جسده وتقطع أوصاله وتلعب دورا مهما في إفساد النظام ودخول من لا يصلح للميدان سواء كان ميدان الوظائف أو ميدان القبول في الجامعات أو ميادين العمل التجاري حتى ظهرت في مجتمع العطاء والتنمية أوجاع وتصدعات لأن الجدارة فقدت، والكفاءة ضاعت وأصبحنا لا نملك النسبة الجيدة في الكفاءة والجدارة، وكان نتاج ذلك هيمنة ضعيف الكفاءة والجدارة على الوضع العام، لو أن الواسطة محقت من المجتمع وصارت السواعد القوية والجديرة هي الرأس المهيمن لما أصابنا وأصاب المجتمع تصدعات ترمي بنا وبمجتمعنا إلى الاختلال والعجز، إنني أتمنى أن نجد الطريق الأسلم للقضاء على الواسطة ومحاربتها حربا شعواء حتى نمنح الكفاءات القادرة على الأداء الجيد فرصة الوصول إلى مقاعدها العملية والدراسية والمهنية ونستفيد من الخبرات وأصحاب التجارب في مواقعها الحقيقية، وفق الله كل مخلص نزيه يعمل بأمانة، ويؤدي بكفاءة، ويعطي بسخاء لتكون للحقيقة واقعها، وللواقع مكانته وموقفه. والله الموفق.