Saturday 12/07/2014 Issue 15262 السبت 14 رمضان 1435 العدد
12-07-2014

«وتراحموا»!

«تراحم» كلمة ذات أبعاد عميقة ملامسة لاحتياجات إنسانية لمن تعثرت بهم الطُرق في هذه الحياة، وهي اختصار لمسمى «اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم، والتي صدر قرار مجلس الوزراء بإنشائها عام 1422، يرأسها معالي وزير الشئون الاجتماعية وتضم في عضويتها ممثلين عن عدد من الجهات الحكومية والأهلية ذات الصلة بالخدمات المقدمة للسجناء والمفرج عنهم، وينبثق عنها خمس عشرة لجنة فرعية في كافة مناطق المملكة.

من أهداف اللجنة تطوير البرامج داخل السجون، واتخاذ الوسائل الكفيلة برعاية المفرج عنهم وأسرهم بما يحول دون عودتهم إلى الجريمة. هذا الهدف الهام جداً بحاجة لتوثيق وتفعيل الشراكة الاجتماعية مع مختلف الجهات الإعلامية والتربوية والاجتماعية لنشر الوعي المجتمعي والأسري تجاه أبناءها الذين يعيشون تجربة السجن التي قد تمر سريعاً، لكن ما هو الأعظم وقعاً على نفوسهم ما بعد انتهاء العقوبة وانتظارهم للإفراج والعودة لأسرهم، لكن يواجهون بصدمة الرفض الأسري ونبذهم بسبب دخولهم السجن، وهذا للأسف الشديد قد يستمر لسنوات قد تسبب في تهييج مشاعر العداء تجاه الأسرة والمجتمع أكثر وأكثر! والمؤلم أن الواقع الاجتماعي لدينا والنظام لا يسمح بخروج المرأة المنتهية عقوبتها إلا مع «أحد محارمها» كأب أو زوج أو أخ أو ابن، وهؤلاء قد يكونون رافضين لها، أو تكون هي رافضة للخروج معهم أيضاً بغض النظر عن مرحلتها العمرية ومدى قدرتها على تحمل مسئولية نفسها بعد السجن من عدمه، لذلك يتم تحويلها لدور الضيافة التي أنشأتها وزارة الشئون الاجتماعية لمساعدة هذه الفئة من المفرج حتى تنتهي مشكلاتهن مع أسرهن أو حتى مع أنفسهن بعد تعديل نظرتهن لحياتهن المستقبلية! وحيث إن هناك برامج هامة تقدمها لجنة تراحم وموجهة للأسر، ومنها «البرامج النفسية والاجتماعية» إضافة للبرامج المقدمة للمفرج عنهم «فإنه من الضروري تسليط الضوء الإعلامي على هذه الجهود الإنسانية العظيمة للحد من دائرة الرفض الأسري، والسعي إلى استقطاب المتطوعين الفاعلين في هذا المجال بمختلف تخصصاتهم، وذلك لإعداد الحملات التوعوية والتثقيفية للأهالي الذين يسيئون معاملة أبنائهم ويدفعونهم للانحراف المبكر أو الهروب من المنزل بسبب النزاعات والتفكك والإهمال والعنف، وعندما يقعون في المحظور دينياً واجتماعياً يتم رفضهم والتخلي عنهم منذ دخولهم السجن ! وبالرغم من ذلك لا يتم محاسبتهم شرعاً على إهمالهم وتقصيرهم بحق أبنائهم مما أدى لانحرافهم، خاصة أن الكثير من الأهالي للأسف الشديد يرفضون بناتهم بسبب أن ما قامت به يخالف الشرع ويغضب الله سبحانه، لكنهم لا يراعون ما أوصاهم به رسولنا الكريم في نسائهم، ودعوته لنا جميعاً بالتواد والرحمة والسلام مع ذوي الأرحام، بل ويكفينا عبرة في ذلك قوله الكريم (لن تؤمنوا حتى تحابوا، ولن تدخلوا الجنة حتى تراحموا) إلى غيرها من التوجيهات الربانية والنبوية بالمسئولية تجاالأسرة والأبناء لقوله الكريم (كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته).. هؤلاء الرافضون والكارهون والمتخلون عن رعيتهم، ألا يسمحون للرحمة أن تدخل قلوبهم تجاه نسائهم، ويلتمسون لهن الأعذار للستر عليهن ومنحهن فرصة للعيش بينهم من جديد، ليكسبوا الأجر العظيم في هذا الشهر الكريم؟!!

moudyahrani@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب