Saturday 12/07/2014 Issue 15262 السبت 14 رمضان 1435 العدد
12-07-2014

المطلقة الفقيرة حين تعجز عن دفع إيجار المسكن

عندما تحكم المحكمة العامة بالدمام على امرأة مطلقة بالسجن؛ لأنها تخلفت عن سداد إيجار المنزل الذي تسكنه مع بناتها الثلاث، وتجد هذه المرأة أن بناتها اللاتي لا معيل لهن سواها سوف يكن في مهب الريح، فإن الوجه المأساوي لمشكلة السكن يبرز بوضوح يتجاوز لغة الأرقام التي تتحدث عن نسبة متدنية من المواطنين الذين يملكون مساكنهم الخاصة.

هذه المرأة المطلقة التي لا تعمل لأنها لم تجد وظيفة والتي تعيش على المعونة القليلة التي تستلمها من الضمان الاجتماعي، ليست هي المرأة الوحيدة في مجتمعنا التي تواجه مثل هذه الظروف القاسية. لابد أن هناك ألوف النساء ذوات الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة اللاتي تسحقهن أزمة السكن. أما عن المواطنين عموماً من الرجال والنساء فحدِّث ولا حرج!

إنني أتفهم مشكلة مُلاك العقار الذين يؤجرون أملاكهم ثم يفاجئون بتوقف المستأجر عن دفع الإيجار؛ لأنه لا يملك المال أو لأنه لا يريد الدفع لأي سبب من الأسباب. فليس كل المؤجرين هم من أصحاب الملايين، بل إن بعضهم يعاني من ضيق ذات اليد أكثر من المستأجرين، وقد يكون العقار الذي يؤجره على الغير هو مصدر دخله الوحيد، فإذا توقف المستأجر عن دفع الإيجار وجد المؤجر نفسه في ورطة كبيرة.

غير أن معالجة امتناع المستأجرين عن دفع حقوق المؤجرين ينبغي - في رأيي - أن تتم في سياق إنساني يراعي ظروف الطرفين: المستأجر والمؤجر، خاصة أن أزمة السكن هي في بعض جوانبها نابعة من تأجيج واستغلال أصحاب العقارات لظروف الناس، مثلما هي أيضاً نابعة من التجاهل الطويل لهذه المشكلة من قبل الحكومة.

لقد ظلت أزمة السكن دون معالجة حقيقة على مدى العقود الماضية التي كان فيها صندوق التنمية العقارية يقدم القروض بالقطارة، وكان أصحاب الأراضي البيضاء الشاسعة يتركون هذه الأراضي وسط الأحياء السكنية لأنهم لا يدفعون رسوماً مقابل التضييق على بقية أفراد المجتمع، فكانت النتيجة ما قرأناه عن قصة هذه المرأة التي نشرتها جريدة الحياة وما نعرفه من قصص أخرى في محيطنا الاجتماعي المباشر.

أما وقد أنشأت الدولة وزارة للإسكان في بلدنا ذي المساحات الهائلة من الأراضي البيضاء التي يمكن تحويلها إلى مساكن للمواطنين، فإن المطلوب والمنطقي هو أن نجد تأثيراً واضحاً لهذه الوزارة على أزمة السكن. وحتى يتم ذلك لابد، في المدى القصير، من إيجاد معالجات إنسانية لمثل حالة تلك المرأة المطلقة وبناتها الثلاث كأن تتحمل الدولة نسبة من الإيجار إلى أن يتم تأمين مسكن خاص لها من قبل وزارة الإسكان.

إن تأمين مسكن للمواطن، سواء بالتملك أو بالإيجار الذي يمكن أن يتحمله المواطن، هو الحد الأدنى من شروط الاستقرار الاجتماعي والحفاظ على نسيج المجتمع. هذا ليس مطلباً كمالياً ولكنه ضرورة قصوى يجب مواجهتها اليوم قبل الغد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمطلقات والأرامل وكبار السن وأصحاب الظروف الخاصة.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب