Sunday 13/07/2014 Issue 15263 الأحد 15 رمضان 1435 العدد

إيطاليا .. فريق الأدزوري ومرارة الخروج المبكر من المونديال

لم تصنع إيطاليا الحدث الكروي على عادتها خلال المونديال الحالي. فقد كان لخروج فريق الأدزوري (الزرق) المبكر من مونديال البرازيل 2014 تداعيات عدة، حاولنا رصدها من خلال تسجيل انطباعات المواطنين الإيطاليين وآراء بعض المحللين المهتمين بالشأن الرياضي. كان لهزيمة المنتخب الإيطالي أمام الأوراغواي، وخروجه المبكر من تصفيات كأس العالم لكرة القدم، الأثر السيء في أوساط المتابعين، الذين تطلعوا للارتقاء للدور الثاني إيمانا منهم بقوة فريقهم وقدرته على تدارك أخطائه في المباراة أمام فريق كوستاريكا، التي انتهت بهدف مقابل صفر، إلاّ أنهم ذُهلوا من وقع الفاجعة بعد أن أعلنت صفارة الحكم المكسيكي ماركو رودريغز خروج إيطاليا من تصفيات المونديال.

انتقادات من كل حدب وصوب

في ظل تلك الأجواء المشحونة انهالت الانتقادات من كل جانب، ولا سيما من وسط الساحات التي نُصبت فيها شاشات عملاقة بقصد متابعة المقابلة الفاصلة. وزادت من حدة تلك الانتقادات البرامج الرياضية التلفزيونية المتابعة للحدث، والصحف الرياضية الواسعة الانتشار على غرار «توتو سبور» و»غازيتا ديل سبور» و»كوريري ديل سبور»، التي أجمعت على الإحساس بالخيبة من ممثلهم في كأس العالم، محمّلين مدرب الفريق تشيزاري برانديللي مسؤولية الهزيمة. تذكرُ السيدة ريناتا البالغة من العمر 61 أنها أتت من مكان ناء لتشاهد المباراة في ساحة الشعب رفقة أبنائها، ولكنها حزّ في نفسها أن يكون الخروج من المونديال بهذه الطريقة المخزية والسريعة.

وفي الساحات التي اكتضت بالمتابعين رافق المتفرجين الإيطاليين العديد من السياح الأجانب، فمنهم من كان يرتدي زي الفريق، ومنهم من كان يحمل راية إيطاليا، مثل الفتاة جولي الفرنسية التي ارتدت كنزة اللاعب بيرلو. تقول لقد أتيت إلى روما لأقضّي بعض الأيام بقصد السياحة، وعزمت على مشاهدة المباراة في هذه الساحة الرحبة متمنية أن تفوز إيطاليا. ويقول من جانبه الشاب ياكوبو، وهو من مدينة ميلانو يدرس في مدينة روما، «هتفت طويلا لماريو بالوتيللي حتى بحّ صوتي»، ويضيف قائلاً: «مصيبة حلّت بإيطاليا، بعدما كناّ نتصدر الكرة العالمية خرجنا من الدور الأول». ولم يخف هذا الشاب صدمته مضيفا «من غير الممكن أن تنتهي المقابلة بهذه النتيجة المخزية»، وأبدى العديد من المتحمسين انتقادات للمدرب الذي أخفق حسب تقديرهم، حيث ذكر كثيرون، انّ برانديللي قد أخطأ من الوهلة الأولى في اختيار اللاّعبين الأكفاء وكان من الأجدر أن يضم جوزيبي روسي إلى المنتخب.

ماريو بالوتيللي نجم آفل في كأس العالم

وأكد المحلل الرياضي في جريدة «كوريري ديل سبور» أوغو تراني أنّ فريق الأدزوري (الزرق)، سواء من الناحية التكتيكية أو من الناحية البدنية، فقد كان دون المستوى المطلوب. مشبّها الكرة، بمثابة طوق النجاة، يتطلب حيازتها والمحافظة عليها جهدا وإصرارا، وهو ما لم يتوافر مع تلك الحرارة اللاهبة ونقص اللياقة البدنية. وهو ما أكده المرافق الطبي للفريق الإيطالي المدلك كاستيللاشي في حديث تلفزيوني، مشيرا إلى أن اللياقة البدنية للاعبين كانت منعدمة تقريبا. ولا سيما في صفوف صانعي الألعاب مثل ماريو بالوتيللي الذي غدا شبحا هائما في المقابلات التي خاضتها إيطاليا، وأن التعويل المفرط عليه باعتباره أسطورة مثل مارادونا أو بيلي هو من باب الهراء.

كما زاد تعادل المدرّب الإيطالي فابيو كابيللو، مدرب الفريق الروسي، أمام نظيره البوسني مدرب الفريق الجزائري الطين بلّة. فقد تابعه الإيطاليون باهتمام خلال مشاركته في مونديال البرازيل كمدرّب للفريق الروسي، كيف لا وهو يمثل المدرسة الكروية الإيطالية. فبعد خروج الأدزوري (الزرق) من المونديال تعلقت أنظار الإيطاليين بتتبع إنجازات المدرّب فابيو كابيللو متمنين له التوفيق واجتياز الثمن النهائي، حيث بادرت قناة الراي الإيطالية الرسمية ببث مباراة روسيا والجزائر على المباشر، على غرار المباريات التي خاضها الفريق الوطني الإيطالي. ولكن تأهل الجزائر على حساب روسيا للدور الثمن النهائي أحدث صدمةً وخيب تلك الآمال، التي باتت معلقة، بعد خروج الأدزوري (الزرق) من المونديال، بالمدرّب الإيطالي فابيو كابيللو وذلك للحفاظ على ماء الوجه، كما ذكر لنا صامويل إسبوزيتو وهو إعلامي رياضي في قناة الراي.

وفي سؤالنا عن تحميل لاعب ميلانو ماريو بالوتيللي مسؤولية خروج إيطاليا من المونديال، أجمع عدد من المحللين الرياضين أنه من غير المعقول إلقاء تبعات الهزيمة على عاتق لاعب وحيد، ويتحمل هذه النتيجة الثقيلة مجمل أعضاء الفريق. ووفق ما أفادنا به المحلل كاميللو باليتا، الصحفي في جريدة «إيل ميساجيرو»، أن الكثرة لا تعني التوفيق في انتقاء منتخب قادر ومقتدر على كسب المباريات، فقد قام المدرب المستقيل تشيزاري برانديللي بدعوة 106 لاعبين، لنجد أنفسنا في الأخير في منافسات كأس العالم بأسوأ تمثيل لإيطاليا. مما حدا بالسيد فرانشيسكو تومازي، الكاتب العام لجمعية «كوداكون» التي تعنى بالدفاع عن حقوق المستهلك، لمطالبة المدرب المستقيل تشيزاري برانديللي بإعادة نصف راتبه هذه السنة 2014. معللاً ذلك بقوله: «حان الوقت ليرتبط مرتّب المدرب في عالم كرة القدم بأدائه وبالنتائج الحاصلة»، ويضيف «إنّ مطالبتنا باسترجاع نصف المرتب السنوي ليس بسبب الخروج المبكر من نهائيات كأس العالم، ولكن بسبب الأداء الهزيل لفريق الأدزوري (الزرق) الذي شاهدناه وشاهده العالم في البرازيل ولم يتمكن من إمتاع الجمهور».

اقتصاد الكرة

من جانب آخر سبب خروج إيطاليا المبكر من المونديال تقلص فرص إنعاش الأوضاع الاقتصادية، في ظّل أزمة خانقة، في وقت تبدو فيه إيطاليا في أمس الحاجة لتحقيق الانتصارات على المستوى الرياضي لإنعاش دورتها الاقتصادية. وعلى حد تعبير أحد المحللين، أن شركات الدعاية والإشهار ستراهن على فرق أخرى تستطيع التألق والفوز وجلب الأنظار. فقد صرح رئيس الحكومة الإيطالية الحالي ماتيو رينزي في كلمة له، أنّه سيحصل نموّ بمقدار واحد بالمائة في صندوق المداخيل في حال فوز الفريق الوطني في كأس العالم، بما يعادل 15 مليار يورو. وحسب المحلل الاقتصادي فرانشيسكو بيتسوزي تساهم الفرق الوطنية في دفع عجلة الاقتصاد بشكل فعاّل، نظرا لارتباطها بشركات تجارية رياضية عالمية تراهن على نتائجها في مجال الإشهار والبورصة كأديداس وبوما ونايك وغيرها.

فرحة مع الحذر

هذا وقد رصدنا انطباعات طيبة لدى المهاجرين الجزائريين المقيمين في مدينة روما، عن مشاركة فريقهم وتأهله للدور الثاني، حيث أعرب جلهم عن فرحتهم الغامرة بالإنجازات المشرفة لهذا الفريق العربي. وخشية من إثارة الحزازات مع الإيطاليين الذين تلقوا نكسات في المونديال الحالي، بسبب خسارة الأدزوري (الزرق) وانهزام المدرب فابيو كابيللو أيضا، جراء عدم توفيقه في دفع منتخب الدببة، منتخب الروس، للتأهل للدور الثمن النهائي، وهو ما قد يعطي صورة سيئة عن أداء المدربين الإيطاليين، أخبرنا أنصار الفريق الجزائري أنه لم تحدث مبالغة في إظهار الفرحة، على شاكلة ما جرى في فرنسا، مع هذا خرج بعض الفتية العرب من مواليد إيطاليا مرتدين البدلات الرياضية الجزائرية وحاملين بعض الأعلام على غرار الصبية منار التي التقيناها حاملة العلم الجزائري أمام المسرح الروماني مبدية إعجابها بـ«غويرييري ديل ديزيرتو» حسب تعبيرها، أي محاربي الصحراء.

- سهيلة طيبي

موضوعات أخرى