Monday 14/07/2014 Issue 15264 الأثنين 16 رمضان 1435 العدد
14-07-2014

شاهد من أهلها

يقول المثقف اليهودي الفرنسي روني برومان ما معناه (ماكان ينبغي لليهود ان يفعلوا مافعلوه في فلسطين، القصة كلها خطأ من أولها إلى آخرها، فاليهودي ينبغي أن يظل مشرداً في شتى أنحاء العالم وليس بحاجة إلى دولة خاصة به فهذا هو الوضع الوجودي الذي يناسبه من الأزل وإلى الأبد، انه لا يبدع ولا يزدهر إلا في مثل هذا الجو). أمثلة هذه الحقيقة كثيرة ويكفينا منها ألبرت آينشتاين الفيزيائي الشهير وصاحب نظرية النسبية والذي

ترك ألمانيا التي ولد بها إلى ايطاليا ثم سويسرا ليستقر به المقام في امريكا التي نال جنسيتها. فهل يا ترى عندما قال روني برومان ما قاله بحق بني جلدته، كما قاله واعتقده كثير من يهود الشتات، هل كانوا يدركون نتائج أن تقوم دولة لليهود وعلى أرض مغتصبة وبما تتركب منه نفسية اليهودي وعقليته الاستعلائية وعبادته للمال واحتقاره لباقي البشر على شعب تلك الأرض وباقي الشعوب؟

في اعتقادي أن ما يجري على أرض الأنبياء منذ بدايات القرن العشرين وإلى هذه الساعة تحقيق لاستقراء تلك الشريحة من اليهود، وبالطبع نبوءة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة قبل شهادتهم. فالصهاينة ما برحوا يثبتون ذلك بعربدتهم وتقتيلهم لذلك الشعب الصابر المرابط لعشرات السنين، وفي هذه الأيام من هذا الشهر الفضيل إذ يقضي أهالي غزة الأسيرة نهارات رمضان بين دفن موتاهم وليله في استقبال وابل قنابل الحقد الصهيوني.

وهناك طائفة من اليهود تسمى (ناطوري كارتا) وهي لفظة آرامية تعني حارس المدينة، يتركز أعضاء هذه الحركة في القدس ولندن وأمريكا وهي تناهض الصهيونية والاحتلال الاسرائيلي لفلسطين بل واقامة دولة لليهود من الاساس، اذ يرون ذلك مخالفة للمشيئة الالهية التي حكمت على اليهود بالتشرد نظير عصيانهم لله. أحد حاخامات هذه الجماعة وهو موشيه (موسى) هيرش أقر بأن ياسر عرفات هو القائد الشرعي لكامل فلسطين بما فيها إسرائيل. وترى هذه الجماعة أنه لا ينبغي إقامة دولة لليهود حتى نزول عيسى عليه الصلاة والسلام، ويقومون بمظاهرات من وقت لآخر في أمريكا ولندن والقدس تستنكر ممارسات حكومة الاحتلال بحق الفلسطينيين كما ويزورون القيادات الفلسطينية لتأييد الحق الفلسطيني ورفض الاحتلال.

مثل هذه الجماعة وأولئك المثقفين اليهود أليس الأجدر بالجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي إظهار أصواتهم وتشجيعهم احتراماً لواقعيتهم ووقوفهم إلى جانب الحق العربي على أقل تقدير؟!

من مشكلات العرب والمسلمين عموما لا مبالاتهم بتأثير (العلاقات العامة) والإعلام المؤثر والعابر للقارات، فكم من صوت أنصف العرب وندد بالاحتلال الصهيوني وللأسف الشديد لم يدر له العرب بالاً، مشغولين بأنفسهم وبنزاعاتهم ودسائسهم بينهم عن أعدائهم ومناصريهم على السواء. ألم يقل الممثل الأمريكي الايطالي الأصل روبرت دنيرو حين سئل عن قصف حكومة الاحتلال لغزة قبل سنوات وعن رأيه بذلك فأجاب (حين يطلق شخص كلباً مسعوراً على شخص أو جماعة ويهاجمهم فمن تلوم؟ الكلب أم من أطلق الكلب؟) في إشارة إلى من يدعم اسرائيل وهو بذلك يلمح إلى بلده أمريكا.

هذا الكيان المأزوم قواعد بنائه هشة ولا ينفعه قوة البناء في استمراره، أما هذا الشعب المناضل بغض النظر عن قياداته التي لم تتوحد فانه كالوتد لا يزيده الضرب إلا ثباتاً في الأرض، ولا بد للحق أن يعود إلى أصحابه. أدعو نفسي وإياكم أيها الأحباب للدعاء لهم في سجودكم وعند إفطاركم فإن الدعاء سلاح لهم وعون من الله ثم منا ان عجزنا عن مد أيدينا لهم.

وأن أنسى فلا أنسى مشهد اخراج تلك الرضيعة من تحت ركام أحد المباني التي ظلت تحتها ست عشرة ساعة في هذه الأيام القائظة، فمن حفظها من الموت غير الرحمن بملائكته فهو القادر على نصر أهلها، والله يرعاكم بعنايته.

romanticmind@outlook.com

تويتر @romanticmind1

مقالات أخرى للكاتب